
تعتبر النفقة حق من الحقوق المالية للزوجة على زوجها إذ يجب على الزوج الإنفاق على زوجته وتوفير جميع احتياجاتها والدليل على ذلك قوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ}، وقول النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في خطبته في حجة الوداع : (وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) رواه مسلم، وأجمع العلماء جميعا في كل العصور على وجوب نفقة الزوجة على زوجها، فلا يحق للزوج أن يمتنع عن تقديم النفقة لزوجته وعليه الإنفاق عليها حسب إمكانياته المالية سواءً كانت الزوجة غنيةً أو فقيرةً.
تثبت النفقة على الزوج وتجب للزوجة إذا كان عقد الزواج صحيحا، ومستوفيا لشروط عقد النكاح وأركانه، وإذا كانت الزوجة ممن يمكن وطأ الزوج لها، وإذا سلمت الزوجة نفسها للزوج.
ولا تقف النفقة عند الزوجة فقط بل يجب على الزوج “الأب “الإنفاق على الأبناء بمجرد ولادتهم وتوفير جميع احتياجاتهم والدليل على ذلك قوله تعالى: { وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}
فبالنسبة لمعيار تقدير النفقة فإن النفقة تقدر بحسب حال الزوج يسرًا أو عسرًا استنادًا لقوله تعالى {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ} وعليه يجب أن تشتمل على المسكن، الكسوة، الطعام، فالسكن يجب أن يكون لائقا لمثل حال الزوج ويكون محتويًا لجميع ما تحتاجه المرأة والأبناء وما تتطلبه المعيشة والحياة لقوله تعالى {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم}، وأما بالنسبة للكسوة تكون بحسب استطاعته وأن يكون بحد الكفاية وكذلك يجب على الزوج إطعام زوجته وأولاده حسب كسبه وأن لا يقل عن حد الكفاية.
وإذا كان الزوج مقصرًا في نفقة زوجته وابنائه يحق للزوجة أخذ النفقة من ماله دون علمه لكن بشرط أن يكون بقدر كفايتها، والدليل على ذلك حديث عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقالت: إن أبا سفيان رجل شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك” رواه البخاري ومسلم.
ولكن إذا امتنع الزوج “الأب”عن تقديم النفقة لزوجته أو لأبنائه يحق لها أن تتقدم برفع دعوى تطالب فيها إلزامه بدفع النفقة وإذا امتنع عن تنفيذ الحكم القضائي يحق لها التقدم إلى محكمة التنفيذ ليتم التنفيذ بشكل إجباري.
وفي الختام نذكركم بأن الإسلام قد أنصف المرأة إنصافاً كبيرًا وحافظ على حقوقها في كل الجوانب ومنها النفقة فلم يكتفِ بتحريم منع النفقة الواجبة للزوجة والأبناء بل ألزم مانعها بدفعها لمستحقيها بصورة إجبارية.
1 ping