قد جمعتنا أيام ضحكنا فيها ونحن نعقد إكليل الفل كهدية لياسمينة وأيام استلقينا بها على بساط أخضراً واسع وصحونا على دندنات أديب ومكاتب البريد المليئة بالحبِ ومزيج من الدفء وزياراتنا الصباحية للمكاتب والشوارع وقراءتنا للحرب العالمية الأولى والثانية وعن دمشق ولبنان والعراق وفلسطين وتاريخهم قرأنا الكثير.
وجمعات النساء التي تدور كل سبت وضحكاتهن عن أم وليد وأم اسير وقشور دوار الشمس الملقاة على الأرض والصبية وكلماتهم الفاحشة والغزل الخفيف الغير خاف وتورد وجناتِ البنات والأطفال ولعبة طاق طاقيه ويوم الأحد المخصص للأسواق الشعبية وروائح البهارات والعجين وخبز التنور وقطع الاقمشة الملونة والفخاريات المزخرفة والذهب والحلي المرصع داخل المحلات وبهو مطعم جارنا أبو حمدي الذي كنا نتشاجر عليه ومحلات الدمى والألعاب ومحل الوطن العربي الذي كان يبيع اعلام وتذكارات من بعض الدول العربية المجاورة والشقق المرصعة بجانب بعضها فوق سطوح المحلات والاُناس الواقفين على حافة الشرفات ومحلات الاسطوانات والكلاسيكيات .
لم نكن نعلم بِأننا سنصبح بعدها بلا أوطان ولن يجمعنا بيت ولا سقف قصرًا ولا حتى باب مخلوع كنا نقرا الكثير عنا لكن لم نقرا حرفًا عن مستقبلنا الموجع المليء بالجراح ولا عن شهادة أن لا اله الا الله التي لفظها أديب ولا عن أم اسير التي أُسر ابنها ولا عن بقايا الرصاص التي علقت على بهو جارنا أبو حمدي ولا عن البساط الأخضر الذي مال لونه إلى الترابي ولا عن الجنازات التي تقام كل سبت وأثنين وطيلة الأسبوع ولا عن عدم امتلاكنا للون من تذكارات أوطانِنا ولا حتى قماش يحوينا لم تقل لنا الكلمات ان دمشق وأكاليل دمشق صارت دماء وفلسطين انقسمت لشطرين ولا عن نار وحرقة العراق ولبنان ولا عن ضياع الوطن العربي .