عندما يعتاد الأشخاص بالمجتمع على سلوكيات معينة مع وجود أعتقاد لديهم بأهميتها وألزاميتها عليهم وأن مخالفة تلك السلوكيات تؤدي إلى إيقاع جزاءات على المخالفين لها ذلك ما يسمى بالعرف وهو يعتبر من مصادر القانون الشكلية ولا يمكن للقاضي بأن يلجئ إلى العرف عند إصدار الأحكام بأعتبار أن العرف يعد مصدراً أحتياطياً من المصادر القانونية بأستثناء لو لم يجد القاضي شيئاً في محتوى الأحكام الشريعة الإسلامية أو القانون شيئاً يمكنه من حل النزاع الذي أمامه
وللعرف رُكنان أولهما مادي وثانيهما معنوي فأعتياد الأشخاص في المجتمع على سلوكيات معينة هو ركنها المادي ومن أهم شروطه أن يكون السلوك المتبع سلوكاً عاماً أي يتبعه أغلبية الأشخاص بالمجتمع، كما أنه لابد أن يكون سلوكاً قديماً أي أن يعد أمراً متكرر الأتباع لمدة سنوات كافية والأمر الآخر هو لابد أن تكون هذه السلوكيات أو الأعراف موافقه للأنظمة والآداب العامة والأخلاق الأسلامية وغير مخالفةً لها .
أما ثاني الأركان فهو الركن المعنوي وهو ما يتعلق بكون أعتقاد الأشخاص بالمجتمع أن هذه السلوكيات ملزمة عليهم فشرط هذا الركن كما ذكرنا هو وجود اعتقاد لدى الناس بألزامية هذه السلوكيات عليهم مع وجود أعتقاد لديهم كذلك على أن مخالفة هذا العرف سيؤدي إلى إيقاع عقوبات على مخالفيه .
والآن بعدما تم التعرف على العرف وعلى ركنيه المادي والمعنوي فإنه يتوجب علينا التفرقه بين العرف والعادة المجتمعية .
فنشأة الأعراف في المجتمعات لا يتحقق الا اذا كان هنالك أعتقاد لدى الناس على وجوب أتباعها وأحترامها ومخالفة تلك الأعراف تؤدي إلى إيقاع الجزاءات بينما العادة المجتمعية فهي تلك التي تكون نشأتها بغير تحقق أعتقاد لدى الأشخاص على ألزامية أتباعها بل يكون أتباعهم لها قائم على أساس وجود أتفاق بينهم بذلك فبالتالي فإنه ينتفي الركن المعنوي في العادة المجتمعية.
فإذاً فالقاضي بأمكانه تطبيق العرف على النزاعات المعروضة عليه أذا أستدعى الأمر لذلك، ويكون ذلك برضى الأفراد أو بغير رضاهم وأما العادة المجتمعية فالأصل أن القاضي لايلزم بتطبيقها على النزاعات إلا إذا طلبوا ذوي الشأن ذلك كما أنه لايمكن لأفراد المجتمع بأن يدعوا بجهلهم بالأعراف في المجتمع، وذلك على خلاف العادات.
وأخيراً – فالعرف يتميز بأستمراريه تطوره تبعاً لتغير رغبات الأفراد في المجتمع وتسايره مع أحتياجاتهم بغير أن يكون مفروضاً عليهم أما ما يُعاب عليه فهو عدم أنضباطيته وعدم وجود مرجع له بأعتبار أنه غير مكتوب كما أنه مثل مايميز العرف بأستمراريه تطوره إلا أن هذا التطور يعتبر بطيئاً.
طالب متدرب في جامعة الملك فيصل
مركز الخدمات القانونية