
تعتمد محاكم الأحوال الشخصية في المملكة العربية السعودية عند إصدار أحكامها على أحكام الشريعة الإسلامية، بخلاف المحاكم الأخرى التي تعتمد في إصدار أحكامها على الأنظمة التي شرعها المنظم.
ففي محاكم الأحوال الشخصية نجد أن القضاة ما زالوا يقعون في دوامة كبيرة عندما يريدون إصدار حكم قضائي، بين تلك الأحكام المنثورة في بطون كتب الفقه، والفتاوى التي وضعها فقهاء العصور الإسلامية المتعددة ضمن بيئاتهم المختلفة.
ومن ناحية أخرى تقع كثير من الأسر في تخبط وتوتر نتيجة لعدم إحاطتهم بحقوقهم وواجباتهم، فمنهم من يساوم في حقه فيتنازل عنه للحصول على حق آخر! فكم من أم قبلت دفع نفقات أطفالها مقابل حضانتهم! ومثل ذلك الكثير في مسائل متعددة، فما لنا أن نتوقع غير ذلك عندما يكون الجهل هو المتصدر في تلك المسائل، والتفرد بالعلم بها ينحسر عند الفقهاء والمهتمين بالأمور الفقهية.
لذلك نجد أن تقنين أحكام الشريعة الإسلامية في المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية في نظام تتضمن مواده كلًا من أصول عقد النكاح من أركان وشروط ومهر، ومواد أخرى يبين فيها أصول الطلاق من صيغة وعدة وآثار مترتبة عليه، وكذلك موادا تعنى بالحضانة فيبين فيها لمن هي وفق الترتيب، ويحدد فيها المبدأ الذي تتبعه المملكة في مسائل الحضانة، وغير ذلك من المواد التي تنظم مواضيع النسب والنفقة والميراث.
وفيما يتعلق بالأهداف فإن أهداف التقنين تبتعد عن محاولة نقل حق التشريع من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلى الحكّام، أو جعل ما شرعه الله عرضة للعبث والتغيير وفق الأهواء، أو إنتاج مشروع ينتهك ما حرمته الشريعة ويستخف بحلالها وحرامها، بل يكمن هدف التقنين في توحيد الأداة التشريعية في القضايا المتعلقة بالأسرة، وذلك بتدوين وتنظيم الأحكام الشرعية المتفرقة في الكتب الفقهية المتعددة.
ففي الواقع العملي تتمثل فوائد تقنين قواعد الشريعة في مسائل الأحوال الشخصية في التأكد من تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية على النحو السليم، كما أنه يعمل على التيسير لكل من القضاة والمتعاملين بتلك المسائل من أفراد الأسرة والمحامين بمعرفة مرجعهم، كما يجعلهم على علم واطلاع على مدى جدوى المطالبة بحقهم أو حق آخر يظنون أنه لهم.