الناظر الى الواقع الذي نعيشه يرى مدى تأثير التلوث الفكري على عقول الشرائح المتعلمة والمثقفة قبل غيرها من الشرائح الأخرى .. وهذا التأثر انتج لنا صراعا محتدما بين الموروثات الدينية وأدبياته وتاريخه العظيم والفكر .
ان معركة ملاحقة تلك العقول واعادة تفكيك تركيبات وعيها المسيس بعلم أو بغير علم معركة هامه تعد من أهم المعارك والتحديات الفكرية المعاصرة .. وأن الأمور التي ينبغي التسلح بها في هذه المعركة إعادة القراءة للتاريخ مرتبطا بالديانات وإعادة قراءة الديانات والتاريخ مرتبطا بالاخلاق .. لأن معركتنا العلمية والفكرية في المقام الأول هي معركة قيم وأخلاقية لنسمو للأعلى ولأن السلوك والجبلّات الطبيعية اذا لم تصاغ أولا فانها تفسد التصورات والأفكار والمعتقدات.
وضعت لنا الديانات قواعدا أخلاقية للعلم والفكر تدعونا الى التأدب في الطلب والتأدب في اصدار الأحكام والتأدب في النظر الى المخالف والتأدب مع عموم الإنسانية أينما كانو وكيفما كانو وأن أصل العلم ومصدره ومقصده الرحمة والشفقة للجميع… فكيف اذا تحول العلم الى آلة تعذيب لإرهاق وسوط يجلد به المخالفين وتهم توزع جزافا على الأولين والأخرين ومعارك هنا تكون الكارثة أكبر بكثير من حجم نتائجها وأثارها وتبعاتها وان فساد المجتمعات بالعلم والفكر أشد مرارتا من فسادها بالطيش والجاهلية .. علينا أولا تنقية وتطهير محاضن التعليم ( الشرعية وغير الشرعية) بأمهات الأخلاق ومكارم الفضائل والتسامح..
فمحاضن التعليم عندما تجردت عن تدريب فـ الأخلاق ابرزت أجيالا (مارقة) من الدين كما يمرق السهم من الرمية.. ومحاضن التعليم أوجدت لنا اجيالا ( يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل ) التمرد مهما بقيت التزكية مادة محذوفة من مقررات الثقافة والتعليم فاننا لن نرى الا وبالا ودمارا وحريقا يلتهم الشعوب ولن نجني الا إعادة لضلالات الجاهلية وتصوراتها العقلية والفكرية المقيتة إن الثعلب المكار والمفتنين ووضع الناس فظروف ترغمهم للجوع والخطأ والمخدرات يجب الحكم لهم بالبراءة بسبب الكيدية والمكيدين .
أن وضع المجتمعات وما تعانية من نشر ثقافة النوايا السيئة وإشاعة أخبار العنف والدم وتشويه سمعة الأمجاد ما هيا إلا برمجة كيدية ينتج عنها أفراد معاقين فكريا محطمين روحيا وحياة صراع واقع قال الله تعالى : (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ) .
سفير النوايا الحسنة