تجارب الأمم والدول في القواسم الإنسانيةالمشتركة تختصر الطريق في التنمية والتطور لمن يريد الاستفادة، العديد من الدول والجماعات والمؤسسات ابتدأوا من حيث أنتهى الآخرون في التنمية والعمل الاجتماعي ومن روافد التنمية والمسئولية الاجتماعية هو الأوقاف ويعرف الوقف ( تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة ).
الأوقاف جانب اقتصادي وتنموي ساهم في ميزانية الدول الإسلامية وانخفض تأثيره بل فقد مساهمته بالاقتصاديات الاجتماعية وبتنمية الدول بسبب صياغة الوقف وطريقة إدارت التي أبقت أغلب الأوقاف معطلة أو غير مجدية بالوقت الحالي .
الاحصائيات والأرقام في استثمار الاوقاف تثبت أن الدول الغربية سبقتنا في هذا النوع من المستحبات الدينية لما طبقوا صيغ حديثة وتخصصات حديثة في تنميته كالإدارة والمحاسبة والاقتصاد طورت الأوقاف ووظفت بمشاريع وبرامج تنموية ساهمت في تخفيف الأعباء الاقتصادية ببعض قطاعات الدولة من خلال التوجيه الملائم في التنمية الشاملة مثل دعم الجامعات ومراكز البحوث والدراسات وتحسين البيئة الصحية التي تصب في مصلحة الأفراد والمجتمعات والبشرية.
فمثلا مشاريع الأوقاف بالولايات المتحدة الامريكية عديدة وتساهم بشكل فعال في التنمية الاقتصادية والاجتماعية نأخذ تجربة وقفية Goodwill حسب ما ذكرها الدكتور أسامة الأشقر بكتابه المميز “مؤسسات وقفية رائدة” تستقبل هذه الشركة الهدايا والهبات القابلة للبيع بحيث بلغت أرباحها في عام ٢٠١٤ مبلغ ٤ مليارات دولار ووظفت من الأرباح ٨٢٪ في توفير فرص عمل وقامت بتوظيف ٣١٨٠٠٠ شخص بمواقع مختلفة وقدرت الرواتب والمزايا الذين يحصلون عليها الموظفون ٣ مليارات دولار .
أما التجربة الثانية الرائدة ما قامت به شركة “Tata” بسبب أرث عائلي بالصناعة والتجارة والعقار في الهند صاحب Tata جامستي تاتا ترك وصايا للورثة تخص الأعمال الخيرية والمسئولية الاجتماعية وساروا ابنائه وأحفاده على نهجه الخيري في مجالات الصحة والتعليم ( مستشفيات معاهد وأكاديميات للبحوث ) وتقدم المنح إلى ٦٠٠ مؤسسة خيرية و١٢٠ منحة تعليمية سنويا وأنشأت مؤسسة Tata مركز للتكنولوجيا في جامعة هارفارد بمبلغ ٥٠ مليون دولار ومن مسئوليتها الاجتماعية قدمت رواتب ل ١٦٠٠موظف لمدة ٣ شهور وصرفت تعويضات لموظفيها وغير موظفيها بعد الاعتداء على منشآتها.
أما في الجانب الإسلامي يوجد أرث وقفي اسلامي ومشاريع أوقاف متميزة جدا لكن لم تصل إلى المستوى المأمول مقارنة بحجم الاوقاف المعطلة على مدى قرون .
قبل مئات السنيين الذين قاموا بالوقف وكتبوا صياغة الوقف لم يعرفوا أن جمعيات ومؤسسات خيرية وأشكال متنوعة من منظمات ستقوم بأدوارها التنموية جنبا إلى جنب مع الدولة في التنمية الشاملة،لم يتوقعوا هؤلاء انتقال الإنتاج من الزراعة إلى الصناعة التجارة والاستثمار والتقنيات والانتقال من قطاع إلى آخر حتى بعض الأوقاف تعتبر الآن غير مجدية اقتصاديا .
التحولات الاقتصادية المتسارعة تدفع القائمين على الأوقاف بالتغيير بالصياغة وكيفية إدارته باستقلال وبنظام مؤسسي مرن يأخذ في الحسبان أسس الإدارة والمحاسبة والاقتصاد والتنمية المستدامة ومساهمة الأوقاف في الناتج المحلي الأجمالي لأن نفقات ومصروفات الأوقاف تبدلت إلى ما هو أهم وأكثر ملائمة بزمن تغيرت مطالبه وتبدلت حاجاته.
من التجارب الحديثة الوطنية التي ذكرت في كتاب “مؤسسات وقفية رائدة- تجارب ودروس” مثل وقفية العنود للاستثمار وأوقاف الراجحي ومشروع الباطن الوقفي الزراعي والشركة الوطنية للزراعة والشركة الوطنية للصناعات ومؤسسة الجبر وغيرها الكثير.
متطلبات الاقتصاد الاجتماعي والتنمية تنوعت وتعددت وتتجد باستمرار والأوقاف أحد أوجه الخير والصدقة الجارية الدائمة .
التعريف بالوقف وأهمية دوره بالمجتمع يقع على عاتق الإعلام والجمعيات والمؤسسات الخيرية والمتخصصين ومن يهتم بالشئون الخيرية والاجتماعية.