لا يمكن لأحد الانكار أن مهنة التعليم من أشرف المهن وأسمى الرسائل وأقدمها على مر العصور للمعلم مكانة عظيمة في المجتمع فهو يتشرف بمهنة التعليم وهي رسالة عظيمة في الحياة تشرف بها الأنبياء والرسل قال تعالى (وما أرسلناك الا رحمة للعالمين) وقال رسول الله ( إن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير) وللمعلم مكانة عالية وما ذلك إلا بما يحمله من علم وأدب واحترام فلقد جاء عن أبناء هارون الرشيد الأمين والمأمون كانا يتسابقان بعد انتهاء الدرس في تقديم الحذاء لمعلمهم الكسائي فسأل الخليفة من أعز الناس يا كسائي قال أعز الناس أنت يا أمير المؤمنين قال هارون الرشيد أعز الناس من يتسابق أبناء أمير المؤمنين لتقديم الحذاء له وذلك لأن هو القدوة وهو يحمل مصباح العلم والمعرفة لينير عقول المتعلمين مهنة التعليم هي أم المهن لأنها تساهم في صناعة وتكوين الكفاءات وتجهيز الأجيال لمختلف أشكال الخدمات والحرف وهي مصدر الرقي على كافة الأصعدة فالمجتمعات التي اهتمت بتعليم وتربية الأجيال تسلقت مراتب المجد والرفعة في جميع المجالات .
إن المعلمين في كل زمان هم الصفوة المختارة الذين نذروا أنفسهم لتعليم أبناء الأمة وأذابوا حياتهم لإضاءة الطريق أمام الشباب وأجيال المستقبل .
أعلمت أشرف أو أجل من الذي يبني وينشئ أنفسا وعقولا ؟ فالمعلمين هم حماة الثغور ومربو الأجيال وسقاة الغرس وعمَار المدارس المستحقون لأجر الجهاد وشكر العباد والثواب يوم المعاد فسلام من الله عليكم وتحيات مباركات تجزى إليكم .
قال ابن عباس رضي الله عنهما (العلماء فوق المؤمنين بمئة درجة) وقال وهب ابن منبه رحمة الله ( يتشعب من العلم الشرف وادإن كان صاحبه دنيئا والعز وإن كان صاحبه مهينا والقرب وإن كان صاحبه قصيا والغنى وإن كان فقيرا والمهابة وإن كان صاحبه وضيعا) أرءيت مكانة المعلمين وحاملي العلم .
هذا في حمل العلم أما في نشره بين طالبي العلم والمتعلمين فيكفي قول رسول الله صلى الله عليه السلم( ان الله وملائكته واهل السماوات…الى آخر الحديث السابق ذكره ) فرسالة التعليم من أشرف الرسالات وهي مهنة ربانية فالله تعالى علم بالقلم وعلم آدم الأسماء كلها والمعلمون هم ورثة الأنبياء لانهم يرفعون عن الناس الجهل وينقلونهم إلى النور وهي منحة ونعمة وحجة لمن تقلدها وأخذ بحقها ومنحة لمن عرف قدر الأمانة الغالية الملقاة على عاتقة والرسالة الكبرى التي يؤديها وهي نعمة لمن يستحضر أنه في عبادة عظيمة يتقرب بها الى الله تبارك وتعالى ولذا قال صلى الله عليه وسلم ( إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره ) حسنه الالباني ، وهي منحة لمن علم ان الله رقيب عليه في غرس العلم والأخلاق في الأجيال وهو ومجزي على ذلك كيلا بكيل ووزنا بوزن وهو يذوب ويفني جهده من أجل تبليغ رسالته دون شكر وثناء إلا من الله عز وجل وسلعة الله غالية لا تنال الا بالجهد والاجتهاد..( حفت الجنة بالمكاره …) رواه مسلم .
المعلم دائما حريصا على إفادة المتعلمين وإيصال الفائدة إليهم وهو يعرف أن وقته ملك لمتعلميه لا ينشغل عنهم بحديث مع زميل أو في قراءة صحيفة ما لأن في ذلك ظلم في حقهم حيث سرف وقتا في غير مصلحتهم وهذا ظلم لهم والظلم ظلمات يوم القيامة وهو صبور على متعلميه يعاملهم بالحسنى والأخلاق الفاضلة بعيدا عن السباب والشتائم فهذا ليس في قاموسه وهو مدرك أن دوره لا يقتصر على بسط المعلومة والمعرفة بل يتعدى ذلك إلى غرس الأخلاق والقيم النبيلة في نفوس الناشئة فحق هذا أن يقال عنه (كاد المعلم أن يكون رسولا )
وهو بذلك مأجور إن شاء الله وهو أيضا لا يسعى إلى التملص من مهنته بالشواهد الطبية المكذوبة أو الاحتماء تحت مظلة بعض النافذين ويتناسى اليوم الذي قال الله فيه (إذ تبرأ الذين اتبِعوا من الذين اتبَعوا ورأوا العذاب وتقطعت بها الأسباب ) وهو لا يشغل المتعلمين بكثرة الواجبات والتناوب على القراءات الفردية المملة ليتفرغ لمشاهدة مباراة أو في محادثات مع زميل هاتفيا أو تبادل مراسلات وهذا عين الغدر والخيانة وهذا عين اللؤم والجبن ووصمة عار ووسام ذل وخيانة تحيط بعنقه وهي لصوصية بامتياز فالويل له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا جمع الله الأولين والآخرين يرفع لكل غادر لواء يقال هذه غدرة فلان ابن فلان) اخرجه البخاري فهذا الصنف شوهوا هذه المهنة الشريفة وهم في اعتقادي بلاء مسلط على المنظومة التربوية وأحد أسباب تدهورها قال تعالى(ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون)وهذا من تضييع الأمانه الملقاة على عاتقهم فكيف بهم إذا قامت الأمانه والرحم على جنبتي الصراط فإنها تكبكب في نار جهنم كل من خانها فهنيئا بمن قام بحق الأمانه بجرى على الصراط بغير هياب وسيكون ممن كسبو قلوبا تتعلق بهم إذا حضروا ذكروا بخير وإذا غابوا ذكروا بخير وإذا ماتوا ذكروا بخير فكان لهم الحب لا ممن ينسى اسمه ورسمه ولسان الجميع مستريح ومستراح منه ولهذا فإن من أخلاقيات المربي الناجح إعداد المواطن الصالح ورعاية النمو الشامل جسميا وعقليا للمتعلمين وكذا فإن المربي الناجح ممن أؤتمنوا على فلذات الأكباد بالرعاية والتربية قال تعالى( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها )وأن المظهر العام للمربي الناجح أن يتصف بالوقار والسكينة والمظهر اللائق مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله جميل يحب الجمال) وهو أيضا يتصف بطهارة النفس ونقاء القلب فلا غضب ولا إحباط وهو صادق في تعامله مع الآخرين في السر والعلن يبذل أقصى طاقاته في إنجاز المهام الموكلة إليه ومسؤول عن تصرفاته تجاه أبنائه ومجتمعه ومحافظ على شرف المهنة والحرص على سمعتها والارتقاء بها وتحسينها ويتجنب التشهير بزملائه والوشايه بهم ولا يتدخل بين زميل ومتعلم إلا إذا طلب منه ذلك.
وعلى هذا فإنه يعمل جاهدا على أن يكون قدوة حسنة ونموذجا أخلاقيا يحتذى به في عمله وسلوكه وهو يقوم بمراعاة الفروق الفردية وتشجيع المبدعين ويسمح بالحوار الهادف والمنافسة مع الالتزام بالأدب واللباقه متعاونا مع البيت لتحقيق الأهداف التربويه ويقوم على حل مشكلات المجتمع وكسب ثقته محافظا على دور المدرسة الريادي الفاعل في المجتمع ومن واجبات المجتمع تجاه المعلم الناجح إصدار القوانين التي تحميه من الاعتداء عليه والارتقاء بمكانته وشموله بنظرهطة مميزه ومنذ القدم فالنظرو للمعلم نظره تقدير واحترام وأنه صاحب رسالة مقدسة على مر العصور وهو المسؤول الوحيد في تأديب الأبناء وتربيتهم وهو معلم ومربي في آن واحد ومحور العمل في المدرسة وترتكز قيمته على وعيه وإلمامه بمسؤولياته الجسام المتناسبة مع روح العصر في تحقيق الأهداف التربوية المختلفة مستنيرين بإرشاداته فهو المعلم الكفؤ الذي يعي أساليب التقنية وتكنلوجيا التعليم وعنده القدرة والمهارة الهادفة في معاونة الطلاب في تحصيل المعرفة في جميع المجالات فإن دور المعلم الناجح الانضباط وحفظ النظام فلا يأت بالأوامر التسلطية بل اشاعة الجو الديمقراطي الهادف لرعايه الطلاب في هذا المجال بحيث يساهم الطلاب في مشروعات وقرارات حفظ النظام في حدود مقدرتهم وإمكاناتهم.
معلمة تربوية