هيباتيا وسقراط – حليمة محمد – في طبعته الأولى الصادر عن مركز الأدب العربي للنشر عام 2018 م هيباتيا وسقراط عنوان لافت جميل يأخذنا نحو السُّمِّ والحرق..!! مثنوية الفلسفة بين أثينا والإسكندرية بعدما أطلعت على جُلِّ الكتاب لاحظتُ ألاّ ترابط بين عنوان الكتاب ومحتواه فقد خيّل إليّ من عنوانه أنه يتناول فكرة فلسفية أو يقيم مقارنة بين فلسفة أثينا وفلسفة الإسكندرية أو بين فلسفة الرجل وفلسفة المرأة.
في مقدمة الكتاب تقول الكاتبة في أول سطر:”عندما نبدأ بطرح الأسئلة على مستوى الذات والعلاقات والكون ندخل في دائرة التجلي” مفردة التجلي من الأنسب وضعها في نهاية الكتاب لا في مقدمته لأنها بداية الوصول والكاتبة لم تتجاوز ثلاثة أسطر من المقدمة بعدُ ولإكمال فكرة الأسئلة “على مستوى الذات والعلاقات والكون ندخل في دائرة” (الحيرة) لأنها أنسب من التجليّ الحيرة هي وهج التساؤل والبحث.
في الصفحة التالية من المقدمة ذكرت الكاتبة:”بين ما نؤمن به ونصدقه ونعتقده” والأنسب من وجهة نظري الترتيب في منطقية المراحل وانتهاء بالعقيدة كأن تكتب ما نصدقه ونؤمن به ونعتقده.
في ص11 بعنوان: (بين البرت وتشارلي) “في تجولهم وتصفيق الجماهير قال اينشتاين لشابلن إن التصفيق لك فأنا أمر بهذا الشارع منذ سنوات، ولا أحد ينتبه لوجودي“.
وأعقبت الكاتبة وقالت:”إن تقدير الناس في ذاك الموقف لموهبة الفنان أكثر من عبقرية الفيزيائي” يا ترى كيف استطاعت أن تحكم أن تصفيق الناس للفنان وليس للعبقري?!! وإنْ قال اينشتاين إن التصفيق لشابلن قد يكون مجاملة أو محاولة منه لرفع مكانة الفنان الاجتماعية لأهميته لأنهُ ينبوع المُتعة وهذا عظمة من العبقري بأن يُمجد الفن من المناسب هنا أن تُرجح ولا تُقرر فليس لديها استقراء لحالة المجتمع آنذاك أكان يُمجد الفن أم العلم ??! ولو أنها قالت إن تصفيق الناس بهجةً وسرورًا فالعبقرية تمسك بيد الفن.
في ص69 بعنوان:(جريمة لا يحاسب عليها قانون) أدهشني حقن المقال بأبيات شعرية حتى ليخيّل إليَّ أن الشعراء قد نسج الأبيات كما تريد قريحة الكاتبة المتوقّدة للإبداع.
في ص77 بعنوان: (شايفني هندي) سرديّة مشوقة مدروسة بين الضوء والظل: ضوء الحضارة والاقتصاد والإبداع، وظل الفقر والتشرد والألم.”عزيزي العربي” كتبتها الكاتبة وأكاد أجزم أن ما ثار من غُصصها الحرى أكثر وأكبر ولكنها كاتمتهُ بألق ورشاقة وكتبت “عزيزي العربي“!!!
في ص99 بعنوان: (رسالة إلى ابنتي المستقبلية) نالت إعجابي الكاتبة بهذه الرسالة أعجبتني بتغذية ابنتها المستقبلية غذاء متوازنا بين العقل والجمال وزحزحت فكرة المُخلص (هو) وأسّست لفكرة المخلص (هي).
وألفت نظر الكاتبة إلى أنها وظفت أبياتا شعرية مجهولة المصدر ولو ذيّلت الصفحة باسم الشاعر ومصدر الأبيات في الهامش ليتسنى للقارئ أن يُراجع الأبيات إنْ شاء.
في ص137 بعنوان: (انتفاضة وجود) سأرفع القبعة إجلالاً وأنحني إكبارًا لانتفاضة اليراعة والورقة والمرأة.
للكاتبة أقول جهد مبارك ومحمود أعجبتني سلاسة وبساطة وخفّة كتابتك لديك قدرة إعرابية نحوية لا يستهان بها تلامس المفردات بذكاء الكاتبة المسكونة باللغة! أعجبني الكتاب لأنهُ يوظف أسلوبا مقاليا بعنوان ومحتوى.
وقد بدا لي الكتابُ وجبةً شهيّةً من تاريخ وفلسفة وتحفيز وأدب وتصوف وهذا يُعبر بلا شك عن ثقافة الكاتبة واطلاعها. كما الفراشة تتنقل بين الزنابقِ والأقحوان.