كوب شاي اليوم مختلف
مذاقه حنان ..سكره عطاء
رشفاته وفاء …دفئه أمل
حكايتي اليوم أبطالها مختلفون عن بقية أبطالنا السابقين في حكايانا .
بطلتنا منى طاهر أم المتعافى من الغول المرعب السرطان.
حكايتي لا أدري بما أصفها موجعة بقدر ما تحمله من إيثار وأمل برب كريم.
شهرزادكم الليلة ستروي حكاية شاي اوجعتها بحجم حروف تكتبها، ومفردات آلمتها لدى سماعها.
عذراً للألم الذي ستتلقونه لدى قراءتها لكن تستحق تلك المناضله ان تصل حكايتها لكم.
حكايتنا تسردها الأم منى طاهر أم لمتعافي من المرض الخبيث في الغدد اللمفاوية أصيب صغيرها في سنته الرابعة للمرحلة الابتدائية.
تقول منى: صعقت لحظة تلقي الخبر ابنك مصاب بالسرطان نزل علي الخبر کوابل من جحيم طفلي الصغير وحيدي لأخواته الخمس مصاب بمرض قاتل وشاءت الأقدار أن أصيب زوجي مريض السكري بفشل كلوي في العام ذاته وهنا بدأت رحلتي المأساوية المضنية مع مرض رجلي الكبير ورجلي الصغير.
تقول منى : تخلى عني الكل كله من جهة أسرتي وأسرة زوجي تركوني أهرول في متاهات المستشفيات وأروقتها الباردة برود الموت هناك وحدي أجر خلفي صغيراتي.
في رحلتي هذه ركب قطار النضال معي أسرتي بأكملها زوجي وابني المريضين وبناتي الخمس اللاتي لا سند لهن ولا معيل الا أنا بعد الله سبحانه.
تمت إحالة صغيري إلى المستشفى التخصصي بالدمام بينما زوجي يحتاج لجلسات غسيل الكلى في الأحساء هنا تقدمت للمعنيين في المستشفى التخصصي بالسماح لزوجي بإجراء جلسات الغسيل في مشفاهم.
تمت الموافقة مراعاة لظرفي وابني كنت أقضي ساعات نهاراتي بين ابني وزوجي وصغيراتي اللاتي يتمسكن في ذيل عباءتي يتوسدن استراحة المصلى في المستشفى بدل مقاعد الدرس .
سبع عجاف مرت علي أصارع، أحارب ، أناضل أترحل لأتعايش بين أسرةٍ بيضاء تئن بالوجع تنتظر الفرج من الرب إما بشفاء أو رحيل بسلام خيرتُ بين التخلي عن زوجي والتفرغ لعلاج ابني ثمناً لمد يد العون لي.
تقول منى : كان ردي الرفض طبعاً لن أتخلى عن رفيق عمر( محال أتخلى عن أبو عيالي) وكان عقاب ردي القطيعه من الجميع وحمل عبء المرض على عاتقي وحدي.
مرت السنين السبع تحجرت بها المآقي جفت دموعي من كثرة البكاء لكن الأمل بالله وسخاء كرمه امدني بالقوة والثبات.
خسرت بناتي الكثير من متابعتهن الدراسية شرحت وضعي للمسؤولات في ادارة المدرسة اللاتي تفهمن وضعي شاكرة لهن وغضضن الطرف عن تغيب بناتي بسبب مرافقتهن لي للمستشفى خارج الأحساء .
تقطعت روحي أجزاء بين كرسي مدولب لزوج أصبحت حياته رهن الغسيل لكلاه وطفل يحترق ألماً بعلاج الكيماوي .
وبين صغيرات أقمن في مصلى المستشفى أكثر من إقامتهن في بيت يهبهن الدفء والأمان أكبرهن في سن العاشره.
فقد الزوج بصره زاد الحمل أحمالاً من عناية ورعاية قضت مناضلتنا منى سنواتها السبع على هذا الحال إلى أن حان موعد جرعة طفلها الأخيرة توقفت معظم أجهزة جسمه عن العمل أُدخل العناية المركزة صرحت لي الطبيبة باحتمال الوفاة بأي لحظة .
وخيرتني في اعطائه جرعته الأخيرة أم لا وافقت على اعطائه اياها مسلمةً أمري وأمره لله وحده فهو خير معين.
وتلعب الأقدار لعبتها ببني البشر ليدخل الزوج في غيبوبة لفشل كلاه كلياً وصارت حياته مرهونةً بأجهزة الانعاش والاوكسجين في مستشفى الملك فهد.
ذات يوم جاءني اتصال من التخصصي في الدمام بطلب الحضور لتدهور حالة ابني واحتمال كبير للوفاة.
وصلت وبناتي الدمام عند الغروب تلقانا المصلى بدفء جدرانه فقد بات رفيقنا ( عشرة عمر) .
عند ارتفاع صوت المؤذن لصلاة الصبح رن هاتفي المتحدث في الطرف الآخر من مستشفى الملك فهد بالأحساء زوجك فارق الحياة شطرني الخبر نصفين کصاعقة تشطر شجرة ً وحيدة على قارعة طريق.
صرخت دون صوت بكيت دون دموع الصوت غاب من شدة الوجع الدموع تحجرت من كثرة هطولها حينها دخل صغيري في غيبوبة دامت أربعة أشهر تلتها رحمة الرحمن وفيض كرمه بدأت معالم الحياة تعود لابني.
سبحان الخالق العظيم أخذ روح ليبث الحياة بروح جبر كسري لوفاة زوجي بتعافي ابني هزم المرض وهاهو الآن شاب متعافي في السنه الأخيرة للمرحلة الثانويه .
تحدثت منى لجواثا عن رسالة تحملها تقول : الآن أحمل رسالة أعيشها بتفاصيلها، اعيشها لأولئك المنسيين من أهاليهم أقوم بزيارات للمسشفيات ودور المسنين اولائك الذين تخلى عنهم الأهل لأواسيهم وأزرع في أرواحهم الأمل لأرفع عن كاهلهم للحظات عبء حملته وعشته سنوات سبع ومن التخلي.
سلاماً لبياض قلبك منى الأمل وسلاماً لعطاء روحك وصبرك وسلاماً لوفاءك لرفيق عمر لآخر لحظاته في هذه الحياة أرفع لكِ القبعة لبهاء حضورك بين باقة المناضلات .
عذراً أعزائي للوجع الذي رسمته هنا هو جزء بسيط من كم فاضت به عينيها خلال حديثي معها وجزء بسيط عاشته بطلتنا مع بطلها الصغير لقهر غول المرض والتخلي.
أرجو ان تكون حكايتنا مع بطلتنا ملهمة لكم.
دمتم سالمين