خاص :
التحرش الجنسي هو أي تصرف غير لائق أو تعليق أو تلميح لفظي أو جسدي غير مرغوب يحمل طابعاً جنسياً قد يتسبب بالإساءة أو الإذلال لشخص ما والمس بكرامته ووجود التحرش الجنسي في مجتمعنا أمر يدعو للقلق لكن البعض يتجاهل وجود هذه المشكلة وتجاهلها لا يعني بأنها غير موجودة .. بل إنها آخذة بالإنتشار يوماً أثر يوم وعلينا أن ندرك بأن خطورة التحرش فلا يقتصر تأثيره على الفرد المُتحرَّش به وإنما يمتد لأفـراد المجتمع ككل.
نتعرف على المزيد حول ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال من خلال الحوار التالي : مع الأخصائية النفسية نورة فهد الدوسري الحاصلة على ماجستير في علم النفس الاكلينيكي- إرشادي – بكالوريوس تربيه خاصو – إعاقة عقلية ومستشاره نفسية .
بداية هل لدك أن توضحين أسباب إنتشار التحرش الجنسي في مجتمعنا وما مدى تأثيره عليه ؟
تتعدد الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التحرش الجنسي ولعل أهم تلك الأسباب هي قلة الوعي والتثقيف في المجتمع وخوف الأسرة من الخزي والعار حال الإبلاغ على المعتدي، والثقة الزائدة في المقربين والسواقين والعاملات مع عدم وجود رقابة. قد يعزو أيضاً ضعف العلاقة بين الأب والأم وطفلهما وعدم تثقيفهم حول الأماكن التي يحمونها من اللمس سبب من أسباب انتشار التحرش الجنسي. بالإضافة إلى عدم غرس المبادئ والقيم والأخلاق منذ الصغر كاحترام الذات واحترام خصوصية الغير ووضع ضوابط واضحة لأطفالهم.
أما تأثيره على مجتمعنا قد يمتد لأجيال إذ لم يتم التدخل المبكر- جلسات نفسية وارشادية – للأشخاص الذين تعرضوا للتحرش الجنسي فقد تسبب لهم اضطرابات نفسية وعقلية على المدى البعيد. أغلب الحالات التي تعرضت لتحرش جنسي أو اغتصاب وتأتي للعيادة بسبب فقدان الهوية والاكتئاب والقلق واضطرابات شخصية وعلاقات غير صحية أو إدمان ومن خلال الجلسات نكتشف أنها نتائج تلك الحادثة. عدم وجود رادع وعقوبات للمعتدين قد يؤدي إلى تفشي التحرش في المجتمع.
برأيك كيف يمكن أن ننشر ثقافة الوعي ضد التحرش؟
المجتمع بحاجة إلى ندوات وورش عمل توعوية عن التحرش الجنسي موجهة للأمهات والتربويات سواء في المدرسة عن طريق حصص النشاط أو عن طريق الجمعيات المهتمة بالطفولة كمركز أفلاذ التابع لجمعية البر. أو بناء رابطة أو جمعية مختصة للأطفال الذين تعرضوا لتحرش جنسي أو اغتصاب.
وما دور الأم ؟
دور الأم كبير جداً في حماية طفلها أو طفلتها من مخاطر التحرش من خلال بعض الإجراءات الوقائية وأهمها : بناء علاقة قوية وصحية متبادلة بين الطفل والوالدين وتعليم الطفل الأسماء الصحيحة لأجزاء الجسم وتنمية ثقافته بما يتناسب مع عمره وكذلك عدم في عناق وتقبيل أحد من الأقارب والأصدقاء والتأكيد على خصوصية بعض أجزاء الجسم، وعدم أحقية الغير في رؤيتها أو لمسها واحترام خصوصية هذه الأجزاء أثناء التعامل أو اللعب معه .
كيف تتعامل الأم مع طفلها لو تعرض للتحرش وأساعده يتخطى الأمر لكي لا يؤثر عليه على المدى البعيد؟
حقيقة الأم بحاجة إلى تثقيف نفسها من خلال القراءة وحضور ورش العمل والندوات التثقيفية وعليها أن تستعين بإستشارات مختصين ومستشارين ومن له الخبرة في التعامل مع حالات التحرش الجنسي والإغتصاب وأن تسمح لطفلها أن يعبر عن مشاعره بكل حرية ومن غير إصدار احكام أو عقوبات صارمة كذلك تستعين بقراءة القصص المفيدة التي توضح للطفل بعض السلوكيات الصحيحة والسلوكيات الخاطئة التي يجب عليه تجنبها والتحدث معه بلطف وبعبارات تشجيعية وتعزيز الثقة بنفسه .
ماهي العلامات التي تدل على إن طفلي تعرض للتحرش؟
على الوالدين أو القائمين على رعاية الطفل أو الطفلة ملاحظة التغيرات الواضحة على سلوكه، ومن العلامات الجسدية والنفسية والسلوكية: كوابيس ومشاكل في النوم والعزلة والانطواء وتغيرات غير مفهومة في شخصية الطفل بالإضافة إلى نوبات غضب شديدة والنكوص (يرجع لسلوكيات أصغر من عمره) والتبول اللاإرادي وكذلك خوف مفاجئ من أشخاص معينة أو أماكن معينة، أو خوفه من أن يبدل أحد ملابسه وسلوكيات غير لائقة لها دلالة جنسية وتغيرات في عادات الأكل ومحاولة الهروب ووجود ألم ونزيف أو إفرازات في الأعضاء التناسلية او الفم وجروح أو كدمات غير مبررة حول الأعضاء التناسلية أو الفم وغير ذلك
ما الأسباب التي تدفع المُتحَرش به على إخفاء الأمر؟
في الغالب المتحرش به قد تعرض لتهديد من قبل المتحرش أو المعتدي كأن يقول له (لو أخبرت أمك وأبوك سيضربونك وسيأخذون كل ألعابك/ سأقتلك لو علم أحد بالأمر) فالطفل يصدق هذه التهديدات ويلزم الصمت.
أو قد يكون الوالدان عصبيان فيخاف الطفل أن يخبرهم بشيء فيعاقبونه أو يضربونه فبهذه الطريقة يوصلون رسالة غير مباشره بأنه هو المذنب وليس الضحية. لذلك يجب أن يشعر الطفل بالأمان وبأنه يستطيع أن يخبر والداه بما يحدث معه بدون خوف أو عقاب، ويشعر بأن لديه دعم قوي من أسرته.
مارأيك من خوف الناس من الفضيحة وتكتمهم على المُتحرِّش وعدم التشهير به ؟
لا أخفي أننا في مجتمع يخشى من كلام الناس، لأن ما يصيب الفرد كأنه أصاب أفراد الأسرة بأكملها. لكن للقضاء على ظاهرة التحرش الجنسي والآثار المدمرة لها لابد من الإبلاغ على المتحرشين والمعتدين. وقد سنت حكومتنا الرشيدة قانون للمتحرشين ووضعت ضوابط حازمة تصل عقوبة بالسجن تصل 5 سنوات سجناً والغرامة بمبلغ 500 ألف ريال. لأن ما قد يرتكب في غضون دقائق كفيل بتدمير نفسية الطفل مدى الحياة
ماهي الأسباب التي تدفع بالشخص أن يتحرش وهل هي أسباب نفسية ؟
الأسباب متعددة منها ما هو نفسي ومنها ما هو بيئي وقد يكون الشخص مصاب باضطرابات نفسية تؤدي إلى الهوس الجنسي والتحرش الجنسي. أو قد يكون الشخص المتحرش قد تعرض لتحرش جنسي في الصغر خلّف وراءه ترسبات متراكمه سلبية مما نتجت عنها سلوكيات غير سوية. فالشخص يكون غير مدرك لتصرفاته فيصبح الأمر خارج عن سيطرته ويصبح الموضوع شبيه بالإدمان “فلا يستطيع” ترك تلك العادة.
دور الأسرة أيضاً مهم جداً فمن يعيش في بيئة غير صحية تتفشى فيها سلوكيات جنسية كالتحرش الجنسي ومشاهدة الأفلام الإباحية، تنشأ عند الطفل سلوكيات متأثرة بتلك البيئة. أو قد يكون الطفل تعرض لإهمال منذ صغره فلم تسنح له الفرص بالنمو الصحي على المستوى السلوكي، والانفعالي، والنفسي.
كلمة أخيرة ؟
أسأل الله أن يَحفظ أبناءنا وأبناء المسلمين من كل شر وأذى ومكروه ويحيطهم في حرزه وحمايته ورعايته ويصلح حالهم وأشكرك جزيل الشكر على هذه الإستضافة وطرح هذه القضية التي تعتبر إحدى أهم المشكلات العالمية سائلة الله لكم التوفيق والسداد .