يوم الثلاثاء الماضي وأثناء عودتي للبيت بصحبة والدتي والتي رافقتها لحضور موعد لها بإحدى المستشفيات لمحت مطعما وفيه إعلان عن (بوفيه مفتوح) لوجبة الغداء.
دعوت أمي للغداء فيه وقد وافقت بعد قليل من التمنع اللطيف فور دخولي للمطعم استفسرت من العامل فيه عن الأطباق والأصناف المقدمة أخذ يستعرض لي صنوف الطعام ثم فوجئت به ينطق اسمي أستاذ يوسف التفت والدهشة ظهرت على ملامحي فبادرني بأنه من طلابي السابقين في ثانوية الجفر وأنه من أبناء قرية المزاوي وذكر لي اسمه.
صارحته أني لا أتذكر اسمه ولا رسمه وشرحت له كيف أننا كمعلمين قد تخذلنا ذاكرتنا مع مرور الأعوام ثم حصل أن انشغلت مع أمي باختيار بعض الطعام وأكله.
وقبل خروجي من المطعم توجهت إلى العامل على (الكاشير) لأدفع الحساب وإذا به يفاجئني بأنه مدفوع سلفا وأن (ميثم) دفعه.
فوجئت بالأمر وبقيت مذهولا واستفسرت عن هذا الشاب أين هو الآن؟ فأجابني العامل بأنه ذهب لحاجة وسمّاها لي وعلمت أنه ربما تعمّد الاختباء عن أنظاري تلك اللحظة هذه المواقف وأمثالها هي التي تجدد في المعلّم طاقته وتطيل عمر (بطارية) عطائه.
وكلما غفل المعلم عن قيمته وانشغل بمتاعب مهنته وزهد فيها جاءت أمثال هذه المواقف لتمسح عنه عناء ما مضى من سنين وتحفزه لمقابلة ما يستقبله من أعوام.
وعادة هذه المواقف تحصل بشكل دوري لكل معلّم فيُرسل القدر كل فترة مَن يُجدد فيه حماسته لرسالته ومركزية دوره والأجيال الصاعدة تعي ذلك وتقدره .
ممتن لميثم فإذا كان قد أحرجني مرة بلطفه وكرمه، فقد أطلقني ألف مرة لساحات المدارس بأنبل حافز وهو تلمس ثمرة ما غرسناه ونغرسه في أبنائنا الطلاب من معارف علمية وسلوكيات تربوية ولا أجمل من أن نقف على حصاد ذلك أدبا وإحسانا .