
لاحظت خلال تشرفي بزيارة معرض الكتاب الدَّولي بالرياض نقلة نوعية جبّارة تخطوها المملكة على المستوى الثقافي والإعلامي . فكمّ الكتب المطروحة من مختلف دول العالم وكذلك مختلف دور النشر التي توزعت هنا وهناك لَهو دلالة واضحةٍ على عودة مجْدِ القُرّاءِ والقراءة من جديد . وبالرغم من تذمر بعض الباعة قليلا من ضعف الإقبال عن الشراء مقارنة بالسنوات الماضية إلا أنهم يرجؤون ذلك إلى التقنيات الحديثة وأنها رُبِّما تكون السبب الرئيس لعزوف الناس واكتفاءهم بالكتب الإلكترونية ولكنهم يردفون بأن وهجها لن يدوم طويلاً فسرعان ما سيتسرب الروتين متبوعا بالآثار الجانبية الصحية الخطرة مماسيضطرهم للعودة سريعاً إلى أحضان الكتب المخطوطة مرة أخرى.
أود أن أنوه أنه لم يكن عرض الكتب للإبتياع هو منشط معرض الكتاب الوحيد بل أُلحق بالعديد من الدورات التدريبية والورش التعليمية المبهرة مما يحفز المثقف العربي إعتزام الحج سنويا لهذه الفعالية بكل ود وراحة بال وأُنس ضمير . فها هو الأستاذ ناصر بن مطلق قد أتحف الجمهور بمحاضرته الأكثر من رائعة وأسلوبه الذي يفوق فطاحلة العلم والفلسفة رؤية وبعداً في هذا العصر في دورته الشائقة بعنوان (أهمية الوعي في صناعة النص الإبداعي ). و(تكوين عادة القراءة ) بقيادة /أ. عبيد الظاهري و (دور الإعلام الإجتماعي في نشر القراءة )بقيادة / أ.بدر الدوسري . (والدوائر الثلاث للقراءة ) بقيادة الأستاذ حسن آل حمادة ، و (تكوين الذائقة الجمالية) بقيادة /أ. أروى الشاهين ، و (كيف تؤسس نادياً للقراءة ) للمبدع / رائدالعيد، و( القراءة وصناعة الكاريزما ) لخفيفة الظل /شهد العسكر . و(كيف يختار الكاتب دار النشر ) للأستاذ بدر الدوسري .
وغيرها الكثير الكثير من المحاضرات التدريبية والورش التفاعلية طوال أيام المعرض العشرة والتي لم نواكب للأسف سوى نزراً يسيراً منها آملين أن نحظى في السنين القادمة فرصاً أطول لًإنتهال العلم والمعرفة ما أمكن . فعلا قد أُثلجت صدورنا جدا بجهود الشبيبة الملحوظة لِبَثِّ الروح في مثل هذه المناشط وترك بصمة واضحة في ذهن السوَّاح إليها .فبكل هذه التنظيمات والإستعدادات الإثرائية نضمن حتما مستقبلا باهراً وملفتاً للبُعد الثقافي والمعرفي في البلاد . أدام الله العلم والمنطق والمعرفة .