
في يوم المرأة أهمس لك أيتها العظيمة، صدقاً والحق يقال أن المرأة في عصرنا الحاضر ليست كما عهدناها في سابق عصورنا أو ماضينا القريب، كانت أكثر طمأنينة وثباتا واعتدالا، بينما نلحظها في زماننا الحديث وكأنها ضائعة في متاهة لا تدري أي طريق تسلك، فقد تقاذفتها تيارات كثيرة ورياح أخذت صور مزخرفة بمسميات الحرية والتحرر، واختلطت عليها السبل فلم تعد تتبين من بينها سبل الصواب، وقد ابتلينا في عصر العلم والأدب، وفي عصر الذرة والصعود الى المريخ بمنادين يصرخون بمنمق الكلام، ومستهترين بقيم المجتمع وثوابته، ولا يعون حقا مغبة ما يهتفون ويفعلون، وتسموا بدعاة الحرية والتحضر، هؤلاء أنسوا فتياتنا أن المرأة الفاضلة العاقلة تظهر على مسرح الحياة كإنسانة بكرامتها واحترامها، وأرادوها أن تظهر كأنثى بجاذبيتها، فعندما لبت صيحات مدعي الحرية انجرت المسكينة إلى الويلات والهوان حتى صارت تُستخدم للدعاية والإعلان وترويج البضائع واستجلاب الزبائن، وأصبحت جسراً لمكاسبهم دون وعي منها، وأصبحنا نتساءل مستغربين أين عقل المرأة، أما تساءلتي أخيتي عن ماهية تلك الحضارة التي زينوها بشعارات جوفاء أهلكت المرأة الغربية حتى ظهرت جمعيات نسائية تنادي بعودة المرأة إلى طهرها ونقائها وتحررها من الاستعباد المعنوي والرضوخ لشهوات الرجال الذين جعلوا من حياتها تراقص وسفور وتخلي عن الواجبات، ومع ذلك نرى الكثير من نسائنا تريد أن تخطو سبيل نساء الدول الأجنبية من بدايتها، وهن هناك قد كفروا به ونبذوه، وها نحن نرى صورا في مجتمعاتنا لم نكن نراها من قبل، أصبح الأولاد تحت ظل ورعاية الخادمات والسائقين، وقد نشؤوا بأخلاقيات أرضعهم إياها فكر وعادات دخيلة علينا، ومن ثم أصبح الشارع هو المربي الأول، ولم يعد الأبناء يعرفوا من آبائهم إلا أبوة المأكل والمشرب والمسكن والملبس، وما ذاك إلا لتمادي الآباء والأمهات في اتباع الشهوات والجري وراء الملذات، وهل يرجى من الأبناء خير اذا نشؤوا بحضن الجاهلات، وأنتن تعلمن يقينا أن من ترعرعن في بيئتكن سينهجن نهجكن، وإن كانوا ذكورا فستموت الغيرة والحمية فيهم، فما ظنك بعاقبة ذلك على جيل كامل تتبعه أجيال، أما علمتي أخيتي أن العقل ميزان، فتمعني وتفكري بما هو حاصل هنا وهناك وفيما وصلتي اليه عندما تساهلتي ببعض تعاليم دينك واتباع الأفكار الدخيلة التي تجتاح عالمنا التي إن لم نتداركها ويعيها رجال الفكر وأهل العلم فلن تلبث أن تقضي على كل ما في هويتنا، فالغصون يسهل تعديلها وهي طرية ولا تعدّل الأخشاب، لنتدارك أبناءنا قبل أن يشبوا على الغريب من الثقافات والمستهجن من العادات.
أيها الأب؛ لا تنس رعايتك ومسؤوليتك واحم الأمانة التي استرعاك الله فيها، كن مع أختك وزوجتك وابنتك فهن ضعاف مهيضات الجناح بدونك، وسوّرهن بجميل الأخلاق والفضيلة.
أيتها الأم؛ الصغار امتدادك في الحياة ونعمة منّ الله بها عليك فلا تفرطي فيهم فهم سندك وعونك عند كبرك، فقفي معهم في حدود التمدن والتطور الذي يرضي الله واستمتعي معهم بجميل الحياة، وما أكثر الفسح في ديننا، واحميهم من الفوضى العاتية، وكوني حصنهم الحصين بما نشأتي عليه من طهارة وخلق كريم.
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا
واذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا
*مستشارة أسرية
1 ping