
لقد غيب الموت الذي لا مفر منه رمزا عظيما أسس و شيد مسجد الرسول الأعظم (ص ) في حي الدانة بالدمام -توفي المرحوم الحاج أحمد حسن عبد الله النمر أبوعبد اللطيف رحمه الله عن عمر يناهز خمسة وثمانين عاما وهو من مواليد الأحساء وسكان حي أبو رشيد في الدمام ولديه من الأبناء عبد اللطيف التاجر المعروف وحسين وحسن وهاني وعلي وحيدر و تسع من البنات تم التغسيل في سيهات والصلاة عليه والدفن في مقبرة الشهداء وأقيمت الفاتحة في مجلس السيد الكبير في حي العنود بالدمام تاريخ الوفاة 1439/5/3
شذرات من حياة المرحوم :
لقد هاجر الحاج المرحوم هو وبعض رفاقه من الأحساء منذ تاريخ طويل بعدما ضاقت الأحساء ذرعا بالشباب أصحاب الهمم العالية في مجال حب التغيير قالت لهم اذهبوا لعل الله تعالى يجود عليكم بالخير . وظلت تترقب الخير القادم منهم .ولم يلتفت الحاج إلى الوراء ولم يولد وفي فمه معلقة من ذهب.وقد أخذ من الأحساء عذوبة مائها وصبر وقوة النخلة التي تدر علينا رطبا وتمرا جنيا وصلابة الجبال وقوتها في تحمل الصعاب جد في المسير إلى الدمام ورأى تحرك البحر بأمواجه المتلاطمة فتساءل كيف أقف على ساحله ولا أغوص فيه هنا زاد حبه في مايجود به البحر ويحمله إلى اليابسة من خير وهذه هي الأرض التي تحمل الخير أستطيع أن أعمل بها وأستفيد من ترابها الذي يدر ذهبا وأخذ يجوب الأرض طولا وعرضا واضعا له هدفا هو الصعود والتملك وأن يحصد مايزرع في طريق الخير له ولمن حوله
سافر إلى سوريا ولبنان وعمان وعمل في عدة مهن إلى أن كون ثروة طائلة جعلت منه أحد الرجال البارزين في الدمام وأخذ يوسع على من حوله وينثر العطاء ويدعم الحركة الثقافية والدينية ومساعدة المحتاجين و قرر في نهاية المطاف أن يشتري أرضا في الجنة ويبني فيها مسجدا لله وهنا اتجه إلى المناطق المحتاجة لوجود مسجد لكن التيارات والعواصف غيرت المسار واختارت له مكانا مناسبا للزمان والظروف الذي أنشئ فيه .
وبالفعل اختار حي الدانة الصغير بالحجم الكبير بأهله وتم بناء المسجد وافتتح في عيد الغدير الأغر واستمر المسجد في العطاء والتميز وحظي بشخصيات علمية من أبناء عمه الذين لهم الفضل والعلم وبرز رجال من الحي لخدمته والقيام ببعض مايسمح به المؤسس الذي كان لكل منهم نظرة اتجاهه فواحد يرى أنه من الصعب الحديث معه والآخر يرى أن له هيبة كبيرة فيصعب التواصل والبعض يرى أن مزاجه صعب فكيف يصل إليه
احتار القوم معه بين من يرى أنه إداري مركزي وكل مايقوم به من حرصه الشديد على أن لا يكلف أحدا وأن يعتمد على قدراته في القيام بأي مهمة بالرغم من كبر سنه ومن يتعرف عليه من قرب يجد قلبا عطوفا تعلو وجهه ابتسامة وظرافة فهو صاحب نكتة و صاحب خبرة تجعل منه رجلا حكيما يحسن التصرف في كل موقف يستطيع القيام بأي شيء على الرغم من كبر سنه.
فتراه يقوم بالاهتمام بتنظيف المسجد كل خميس من مسح أو غسل الفناء الخارجي والممرات مع العمال وتهيئته لليلة الجمعة ويوم الجمعة ويهتم بالحضور مبكرا للصلاة ويتفقد كل جوانب المسجد ويعمل على أن لا ينقصه شيئا من إصلاح أو اهتمام ولم يغير ساعته البيولوجية فكان ينام الساعة التاسعة أو العاشرة وحتى في شهر رمضان ويستيقظ صباحا ذاكرا الله ويتلو سور من القرآن الكريم كورد يومي له فيقرأ ( يس والواقعة والدخان والصافات) وكان يدعو العديد من العلماء والوجهاء إلى بيته ويعد لهم وجبة الغداء بين فترة وأخرى ويدعو من يحب ويعرف وإذا قدم له ضيف من الأحساء لا يكتفي به بل يدعو الجيران ومن يستطيع دعوته حتى في المناسبات الاجتماعية يدعو كل من له علاقة به أو معرفة .
كان ملتزما بحضور فريضة الظهرين والعشائين قبل الأذان بساعة ليتفقد المسجد ثم يدخل فيقرأ القران ويصلي المستحبات وفي الفترة الأخيرة كان يكتفي بحضور صلاة الجمعة بسبب وضعه الصحي وثقل حاله وفقد هذا الرمز وهو بعيد عن المسجد رحمه الله وقد أقام أعضاء إدارة المسجد ختمة قرآن وقراءة حسينية تكريما له وإحياء لذكره وهذا أقل مايقدم وفاء لحقه على الجميع فهو قد سكن تحت التراب ولكن المسجد يلهج بذكره في نهاية كل صلاة ودعاء .
والمسجد باق على وجه الأرض يعبد فيه الله ويقرأ القرآن الكريم وتقام فيه الصلاة وكل هذا يحمل له الحسنات والرحمات من الباري عز وجل في كل وقت وفي الختام أقول إن لك ممن عملت معهم وجلست معهم وأنعمت عليهم من خيرك وزرعت فيهم بذور الخير فستحصد ذكرهم لك وبرهم بك
فسلام عليك في كل وقت وحين وتحية مباركة طيبة وقبلة على جبينك ودعاء خالصا بالرحمة والمغفرة ونتمنى من محبيه ومريديه أن يذكروه في دعائهم وأن يقرؤوا الفاتحة مسبوقة بالصلاة على محمد وآل محمد .
المرحوم الحاج : أحمد حسن عبد الله النمر