
عندما نتفق لزيارة احد صديقاتنا سواء لتقديم التبريكات لسكنها الجديد او لقدوم مولوداً جديداً او لحفل عيد ميلاد أو غيره من المناسبات، تستنزف صاحبة المناسبة جهدها للتجضيرات لهذه الزيارة وتظهر كل ما لديها من فخامة وتنسيق لإرضاء ذوق الأخريات، بينما تتفنن كل واحدة من الزائرات في البروز بأحسن زينة وبأحدث طراز من الملابس والمجوهرات للفت أنظار البقية. وفِي كل مرة حينما يكون الدور على أخرى يتسابقن للتباهي ويتنافسن ليفزن بالسبق للوصول لأحدث موضة سواء في الملابس والأواني، او ديكورات المنزل وغير ذلك .
وبعد كل هذه الطنطنات والترتيبات، فبدل أن يستمتعن بأجواءهن المرحة يضيع شطرا كبيراً من الوقت لتوثيق كل شئ في لقطة سناب، منهن من تظهر أطباقها الشهية ومنهم من تستعرض أركان منزلها وديكوراته الحديثة ومنهم من تصور طرف فستانها الذي ابتاعته من زارا وحقيبتها جوتشي ونظارتها البربري!
إن السعي لاستجلاب الأنظار بإظهار التفوق المادي والمبالغات الممقوتة في إبراز كل خفي يوحي بالغنى، يشير لخواء روحيّ لاسابق له !
فالفقراء ومحدودي الدخل منهم من يحاول أن يفتعل الترف أيضاً، فليس بالضرورة ان يكون الترف متلازماً مع الغنى فتراه لا يجد إلا قوته الضروري ولكنه يقتطع منه من أجل أن يقتني المحمول ويشتري أفخر الأثاث ويشتري أحدث الأجهزة او يقتطع من قوت أطفاله لكي يصيّف هنا أو هناك، والقائمة طويلة تعرفونها جيدًا.
ماذا نرجوا من وراء ذلك كله ؟ ما ينفعك لو عرف الناس انك كثير السفر والتجوال! مشّاء وراء التباهي والبذخ، جوّاب للأسواق والمطاعم!
ليس عيبًا أن يعيش الإنسان حياة رخية ما اجتنب الكسب الحرام والافراط في الصرف فتفاوت الأرزاق معلوم، ولا يصل العبد لاستعراض تفاصيل ترفه إلا بعد خواء روحه…”إنهم كانوا قبل ذلك مترفين” فالنتقي الله في نعمه فالنعمة زائلة لا محالة ان لم نصنها ونحسن استخدامها (بلا افراط او تفريط) فمن اقتصد أغناه الله وما افتقر قوم قط اقتصدوا.