نتساءل ونبحث ونتباحث أين وكيف ومع من نجد السعادة…؟ سؤال لا إجماع في الإجابة عليه. إلا أنني يوما وبينما كنت أبحر بين أمواج ذكرياتي رسى قاربي على شاطئ ذكرى الحي الذي كنت أقطنه وأنا طفلة وإلى دكان العم عزت، لم دكان العم عزت…؟ لا أدري ولكن لعلي كنت أجد سعادتي في رحلة الذهاب لدكانه المليء بالسكاكر، فتنفض الذكرى الغبار عنها لتعاود الحياة أمام ناظري.
وكأي رحلة تحتاج لدعم مادي كنت أرمي بشباك الدلال والقبلات على أبي ليقع فيها ويعلن استسلامه ملونا يداي بأوراق نقدية، وأرمي بأخرى على أمي بحجة احتياجها شيئا من الدكان وبعد الإلحاح بالسماح لي بالإنطلاق لوجهة سعادتي آخذ الموافقة الأخيرة.
من بعيد وقبل أن أصل تبدأ ملامح العم عزت بالظهور، فكرسيه وطاولته الخشبية يتوسطها فنجان قهوة ومذياع يقفان أمام باب المحل دائما كأنهما لجنة استقبال.
تقودني خطاي لأقف أمام رجل في السبعين من العمر لا تخفي نظارته الطيبة التي تطل من عينيه فيوجه لي الدعوة بالدخول.
مبهورة أقف على العتبة وبعينين واسعتين أنظر لرفوف تتراصف عليها أواني زجاجيه أرى من خلالها سعادتي، فتشير لي بألوانها كقوس قزح وتداعب روائحها الذكية أنفي لتقنعني بشرائها.
مسلوبة الإرادة أشتري أغلب السكاكر وأحمل سعادتي بين يدي بعد أن كانت أمام ناظري لتصبح فيما بعد سعادة اتذوقها.
أقف هنا للحظة وأترك الماضي والذكرى لأدخل دكان سكاكر في حاضري فلا أجد السعادة لأنها اصبحت مغلفه فلا أواني زجاجية تظهرها ببساطتها بل مغلفة بأوراق زاهية لكن لا تنم عما بداخلها دائما، وعندها أدركت لم لم نعد نجد السعادة، لأن مشاعرنا، ونظراتنا وتصرفاتنا لم تعد شفافة، بل مغلفة كالسكاكر تماما.
زياراتنا وصلة أرحامنا غلفناها بالواجب، ومشاعر الود غلفناها بالمصالح والإشتياق بالإنتظار، لذلك لم نعد نعلم أين وكيف ومع من نجد السعادة.
ليت دكان العم عزت ما زال قائما لأشتري السعادة، ويا ليتنا نجد سعادتنا في اواني زجاجية غير مغلفة.
كاتبة ومستشارة أسرية
1 ping