
منذ دخولك العراق فأنت لقمة سائغة الكل يقبل عليك ويعتبرك صيدا ثمينا ، الكل يستقبلك بأسلوب لطيف وكلام معسول ونظرة حانية ويد تصافحك وهي تقول مد يدك إلى جيبك وأفرغه في يدي لنقدم لك الشمس بيد والقمر باليد الأخرى
كل شيء لايعلى عليه طبعا هذه الصورة لاتمثل الشعب العراقي كله بل تتمثل هذه الصورة فيمن يطلب رزقه لكن إذا دخلت بعمق مع الشعب العراقي شبابا ورجالا ونساء وعوائل سترى الكرم والجود وسترى من يريد تقديم الخدمات مجانا ولايريد مقابلا منك سوى الدعاء و الشكر والكلمة الطيبة.
وما يزيد بركة هذا البلد وجود العلماء الذين يفتحون أبوابهم للزوار وأهل العلم والمثقفين وكما قيل قديما ( الكتاب يكتب في النجف ويطبع في بيروت ويقرأ في مصر ) لكن الآن ولله الحمد توجد دور طباعة عراقية ودور نشر ومعارض للكتاب يتوفر فيها ما يناسب الكبار والصغار وكل شرائح المجتمع وانتاج على جميع الأصعدة وذلك لنقل الثقافة والوعي إلى جميع أفراد المجتمع
أما بالنسبة للمجتمع العراقي والأحداث السياسية التي مرت عليه فينقسم إلى عدة أصناف منهم من يحن إلى عهد المغبور صدام بسبب عدم توفر الأمن و البعض ساخط على الحركة الحزبية والبعض على خيرات العراق التي تنفق يمينا و يسارا وليس له منها نصيب ينفقه على أسرته فالكل يبحث عن لقمة العيش والحياة الكريمة .
العراق والتطور التكنلوجي والسياسي حيث تتوفر حرية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي و حرية التعبير وتشكيل التنظيمات السياسية و التمثيل السياسي والكل يحاول النهوض بهذا البلد مع وجود بعض الخوف والتشكيك في النتيجة وذلك لأن حركة الإنجاز بطيئة جدا وتحتاج إلى أن تتلمس حاجة المجتمع مع كل الظروف الاقتصادية السيئة إلا أنك تلاحظ اختفاء بعض الظواهر نسبيا كحالة التسول والتدخين بكثرة وبيع السجائر في كل ركن.
الشباب والعمل إنك تجد الشباب حاضرا في كل المهن ويعمل جميع الأعمال حتى لو كانت بسيطة وذلك حتى يكف يده ويعف فرجه ويستر على نفسه وهذه نعمة كبرى أن يعي الجميع شرف العمل وأن لذة لقمة العيش من كد الجبين .
مطار النجف الأشرف يعد مفخرة حيث تأسس في أصعب الأوقات حيث أزمة الأمن وعدم الاستقرار لكنه خطوة جديرة بالاحترام والتقدير لكل ساهم في إنشائه لكنه يحتاج إلى المزيد من التطوير والصيانة وأن يكون أكثر احترافية بسبب الحركة الكبيرة عليه للزيارة والسفر فينبغي تسهيل أمور الفيزة وتسجيل الدخول.
على سبيل المثال مشكلة الفيزة الجماعية إذا وقع أحد من أفراد المجموعة في مأزق وأراد السفر لظرف طارئ كحالة وفاة أو أي شيء آخر فأنه يضطر إلى أن يسافر مع القروب كاملا، لذا تفضل الفيزة الفردية كما أنه لايوجد أي إرشاد سياحي فلا تقدم للقادمين أي خريطة أو كتيب عن المزارات والمناطق السياحية الدينية والتاريخية والترفيهية والتي من المفترض أن تقدم وبعدة لغات لكل القادمين كل حسب هويته ولغته وعندما تخرج من المطار تشعر وكأنك في سوق سوداء بين السيارات الخاصة أو العامة الكل يتقدم إليك طالبا إيصالك إلى وجهتك .
يقع المطار في منطقة وكأن تأسيسه لأكثر من عشرين سنة لا ترى أي تطور وتقدم في المنطقة فالطرق غير معبدة والأرصفة مكسرة و الحواجز العسكرية منتشرة والبوابات كثيرة مبنية بشكل عشوائى وغير متقن بحيث تمثل جمال التراث العراقي وطبيعتها الخلابة لاتوجد أي آثار للصيانة لأبسط الأشياء كردم الحفر الموجودة في كل مكان وخصوصا الطرق المؤدية إلى العتبات المقدسه وذلك لسهولة وصول الزائر الكريم براحة تامة بغض النظر عمايجري في العراق .
الفنادق في العراق تتعامل الفنادق بالدولار وكأن العملة العراقية ليس لها قيمة وذلك بسبب التضخم المالي حيث تتعامل بآلاف الدنانير مثلا تدفع 250 دينارا لكوب الشاي فقط .
ومن الأفضل حجز غرفة في الفندق مع وجبات الطعام حتى يسهل عليك برنامج الزيارة وتوفر الطعام حسب نوع الفندق إذا كان به مطعم أو عدد كاف من الزوار لتنظيم البوفيه المنوع.
ومستوى الخدمات الفندقية يعتمد على جودة العمالة وعددها وذلك حسب حجم الفندق . وقد تم استحداث عدة فنادق فيها خدمات جليلة ومريحة للزوار وتفنن كل حسب حجمه وإدارته .
عندما تستقر في غرفة مناسبة تبدأ بترتيب أغراضك وإخراجها من الحقائب التي تمزقت من كثرة التفتيش و الحمل والنقل من سيارة إلى عربة خشبية يقودها طفل يعمل عليها بدلا من التعليم يعمل ليجر هذه العربة ويحاول المرور بها عند البوابات تحت رحمة الحراس الذين يسمحون له بالمرور فترة و يمنعونه فترة أخرى والملفت للنظر هو تزيين تلك العربة ووضع رقم لها وكأنها سيارة آخر موديل
ونتساءل لم لايوجد من يطور هذه العربات من أصحاب العقول العراقية المبدعة فتصنع هذه العربات من السنستيل لتتحمل مطبات الشوراع وصعوبة السير فيها والتنقل بين السيطرات والبوابات حينما تستريح قليلا تبدأ بالاستعداد للزيارة بالغسل والوضوء ولبس أحسن الثياب والتطيب ومن ثم تتوجه لزيارة المراقد المقدسة .
تخرج قاصدا الضريح الشريف لكن سرعان مايلفت نظرك كمية الأوساخ الملقاة في الشوارع فالشوارع كلها متسخة عدا تلك التي تحيط بالعتبات المقدسة وكل ذلك بسبب بعض أصحاب المحلات الذين يرمون أوساخهم في الشارع ويقومون بغسل محلاتهم صباحا وظهرا وقت مرور الزوار ممايسبب الضرر لهم كما تجد ظاهرة افتراش الرصيف والذي يضايق المارة وارتفاع الاسعار فالكل يضع السعر بمزاجه ويدعي جودة ما عنده وأن بضاعته هي الوحيدة في السوق وغيرها مغشوش أو مزور أو لاخير فيه .
تصل إلى أحد العتبات المقدسة وتلتقي بخدام العتبات المقدسة فتجد منهم سماحة الخلق والتصرف الجميل والكل يريد تقديم أفضل الخدمات قربة إلى الله عز وجل ولا يعتبر تلك الخدمة وظيفة بل شرفا لكن تجد قلة ممن ينظر لهذه الخدمة وظيفة يحسب الوقت لكي يغادر ويحاول مضيعة الوقت لكي تنتهي فترة دوامه أو يغلق الباب أو الشباك أو يحول الخدمة إلى غيره حتى لا يبذل مجهودا وكل حسب نيته
تتشرف بدخول الحضرة المقدسة الأبرز والتي يقصدها زوار النجف لزيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ومن ثم زيارة الأماكن المحيطة بها كمسجد الكوفة و مسجد السهلة اللذين في سلك التطوير والتنظيم وبصمة الحداثة والأسلوب الأمثل في تقديم الخدمة لكن المناطق التي حولها لا تزال لا ترقى إلى ذلك من طرق وإنارة وخدمات .
عندما تتوجه إلى مدينة الكاضمية لزيارة العتبة الكاظمية المقدسة لزيارة الإمام موسى بن جعفر والإمام محمد بن علي الجواد عليهما السلام في قلب الحداثة في بغداد العاصمة التي تحتاج المزيد من الاهتمام ولكن ولله الحمد تتميز العتبة المقدسة بتشكيل معماري مميز وتلاحظ الجهد المبذول لتطويرها ومايميز خدامها أنهم يخدمون العتبة وكأنهم في دوام حكومي رسمي حيث تعامل العاملين مع الزوار معاملة الموظف الذي لا يريد تقديم غير الواجب الذي يطلب منه وإذا استطاع التخلص منه فعل .
وعندما تتوجه إلى مدينة سامراء لزيارة الإمام علي الهادي والإمام الحسن العسكري عليهما السلام تلك المدينة التي تريد النهوض بعد التدمير تلحظ حركة التعمير والتنظيم واضحة وفي سعي جاد لتقديم الخدمات في أجواء روحانية وحسن الضيافة من مطاعم مضيف الإمامين العسكريين عليهما السلام لكل الزوار وبأسلوب مميز وترحيب كبير .
وقد فصلت الحضرة المقدسة عن مدينة سامراء وذلك يسبب خسارة لأهلها من الاستفادة من حركة الزيارة وذلك بسبب تعاون بعض أهاليها مع الدواعش وعدم حماية الحضرة المقدسة مما تسبب في خسارتهم اقتصاديا وتجاريا ويحاول البعض إرجاع المياه إلى مجاريها لكن الجرح يحتاج وقتا ليندمل و وقتا لتطيب الخواطر والنفوس.
وعندما تتوجه إلى العتبات والمراقد الصغيرة الأخرى لبعض الأصحاب والشهداء تلحظ أن تقديم الخدمات بسيط جدا وذلك للطابع القروي البسيط حيث يعتمد الأهالي في دخلهم على الزوار فترى العوائل تحمل الجمل وما حمل من أكل وشرب وألعاب وغيرها لبيعها على الزوار .
وعندما تتوجه إلى العتبة الحسينية المقدسة في مدينة كربلاء المقدسة والتي تعتبر محور الزوار ومهوى الفؤاد عندما يدخلها الزائر يلحظ التطويق الأمني الكبير فالحضرة يصعب الوصول إليها إلا بعد مشقة التنقل بين السيارات والعربات الخشبية ولمسافة طويلة وكل هذه الإجراءات تستحق الاحترام فهدفها حماية العتبة الحسينية والزوار من الإرهاب الذي فتك بالعراق وأخل بالأمن فحراس العتبتين الحسينية والعباسية فزاعة كبرى لقطع دابر أصحاب السوء ومرضى الضمير الذين يستهدفون العتبات المقدسة
وقد أصبح للعتبتين مؤسسة اجتماعية ودينية رسمية للإشراف على خدمات العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية وكل منهما مفصولة عن الأخرى وكل حضرة فيها 10 آلاف موظف لإدارتها وكل منهما تتنافسان في تقديم أفضل الخدمات .
وتتحدان في بعض الأمور كالأذان ومقدمة الصلاة وتلاوة القرآن الكريم والتوجيهات الدينية قبل الصلاة وتلحظ التطوير والتنظيم في حفظ الأحذية والجوالات وتجهيز صناديق للاستخدام الفردي وتجهيز القبو وتنظيم عدة أماكن لصلاة الجماعة في أماكن متجاورة وتسهيل حركة الدخول والخروج بمداخل عدة والاهتمام بالنظافة العامة وتوفير أجواء الخشوع
كما تقام في العتبة الحسينية صلاة الجماعة ويلاحظ زيادة الاهتمام بالأجواء الإيمانية والعبادية والقراءة الحسينية يوميا وهناك معرض لتراث الإمام الحسين (ع ) وبرنامج لتعليم القرآن الكريم وبرنامج لتصحيح سورة الفاتحة وسورة الإخلاص وبعض السور
وهناك مكاتب رسمية للتبرعات والنذور ومكتب للمسائل الفقهية والابتلائية ومكتبة ومركز بحوث ودراسات ومركز للتحقيق في التراث الحسيني ومعارض للكتب وسكن للزوار الكرام إنها مدينة دينية وسياحية عظيمة كما توفر سيارات كبيرة وباصات لنقل الزوار إلى سامراءوالكاظمية وغيرها وبسعر مناسب وبعض العتبات فيها ركن للتبرع بالدم وغيرها من الخدمات التي يصعب استعراضها لكثرتها فكل الزواريحصلون على مايريدون ويحبون .
وإذا زرت كربلاء تلاحظ اختفاء بعض المظاهر العشوائية كالافتراش والنوم في كل مكان مع أن العتبات تقوم بتجهيز البطانيات للزوار وأماكن للراحة لمن يريد ذلك .
كما تتوفر كاسات للشرب ودورات مياه مجانية في عدة أماكن وهناك من يشرف على الاهتمام بها ، وتتوفر الاتصالات وخدمة الانترنت مجانا في الفنادق وشريحة زيارة للجوال وهناك تحسن في بعض محاولات تقديم الشاي والقهوة وتختلف من مكان إلى آخر كما يقدم الخبز والحلويات والمعلبات من مشروبات وأطعمة ومنتجات الألبان من مستورد ومحلي
وكل مدينة من مدن العراق تتميز وتشتهر بنوع معين كالخواتم والسبح والمشالح فالنجف مثلا تشتهر بحجر الدر النجفي والخواتم التي تعتبر أبرز ما يقتنيه المسافر كهدية من أرض الرافدين ومحط ومهوى الفؤاد .
عندما يدخل الزائر إلى الأضرحة والمراقد المقدسة يلقي التحية والسلام ويقبل الضريح المبارك ويزور وفي هذه الأجواء ينسى كل التعب والصعوبات التي واجهها في سفره وترتوي نفسه وروحه بالطمئنينة والسكينة ويطلب ما يتمنى ويتوسل ويتضرع وعلى الله القبول والاستجابة يقف الزائر متفكرا ومتألما ومتذكرا ماجرى على أصحاب هذه الأضرحة من مصائب وبلايا سائلا المولى القبول والعودة
كلنا أمل أن تكون العتبات المقدسة بأعلى وأفضل المستويات بعد استتباب الأمن وأن يكون هذا التطوير في ميزان حسنات من يتصدى لخدمة هذه العتبات المقدسة وأن يمن الله على العراق بالأمن والأمان وينعم كل من فيه بالاستقراروالسعادة والرضا .
الحمدلله الذي وفقنا لزيارة هذه الأماكن المقدسة المليئة بعبق التاريخ الذي يعلق في الذهن مع جرح عميق ودمعة حسرة على كل ماجرى من مصاب على محمد وآل محمد . ونتمنى من الله حسن القبول وغفران الذنوب وشفاء المرضى وقضاء الحوائج واستجابة الدعاء والزيارة بفضل الصلاة على محمد وآل محمد .