أعرب الدكتور نور الدين السافي “عضو هيئة التدريس في كلية الآداب في جامعة الملك فيصل بالأحساء لصحيفة جواثا الإلكترونية في حديث خاص عن محاضرته “فلسفة الحوار ” التي يعتزم تقديمها في الحرم الجامعي لإثراء حصيلة محبي الفلسفة والحكمة والثقافة فقال :
بما أن الحوار هو فعل العقل الذي يحقق إنسانية الإنسان وشرط إمكان الحياة الإنسانية فإن الحوار آلية ضرورية ليس لبقاء الإنسان فحسب وإنما لحسن بقائه.
وأضاف بأن فعل الحوار ودوره يظهر في جميع مظاهر الحياة الإنسانية دون استثناء وموضحا بأنه هو آلية التربية الأولى للأبناء في الأسرة وشرط تحقق الذكاء في الأبناء وهو شرط التوافق الزوجي لكونه القادر على الفهم والإحاطة والمعالجة والوقاية.
وأردف بأنه هو شرط السلم الاجتماعي لكونه يوحد المختلف ويجمع بينهم بحكمته القائمة على الفطنة وحسن التدبير .
وأشار إلى أن الاختلاف الاجتماعي والتنوع الثقافي والديني بمختلف وجوهه لا يمكن تدبيره واقعيا إلا بالعقل الحواري الذي تسميه الفلسفة المعاصرة بالعقل التواصلي ومبينا بأنه هو الذي يوفر كل شروط اللقاء مهما كان الاختلاف حادا لأن العقل هو القاسم المشترك بين كل المختلفين أي إن العقل هو الآلة الوحيدة القادرة على جمع المختلفين ما دام خطاب الحكمة هو الخطاب الغالب في المجتمع.
وحدد مسمى هذه الحكمة بالحكمة العملية لأنها تعلم الإنسان حسن تدبير نفسه “الأخلاق “وحين تدبير غيره “التربية” وحسن تدبير المدينةوملفتا إلى أن هذه المسائل تبقى دوما رهينة الفطنة والروية والتعقل وهذا من عمل العقل الحواري ومن أهم تجلياته.
واستدل بقوله تعالى: “ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن” تعبير دقيق وحكيم أن الحكمة والجدال الحسن هو سبيل الله ولا سبيل سواه وأن الخطاب الذي أمر به الله نبيه موسى ليواجه به فرعون لما طغى قال له: قل له قولا لينا” لأن هذا القول هو الحكمة التي تحقق الغاية وتمنع البشر من كل خطا كارثي يسبب الفساد في الأرض.
وسلط الضوء على أهم النتائج التي يسعى للوصول إليها في اللقاء الثقافي والحواري مع الطلبة منها إن حرية أمة من الأمم وقوتها الفعلية تسكن في رحم الحوار المجسّم لقوة العقل الإنساني.
وعلق بأن كلّما غابت هذه القيمة تركت مكانها للتعصب والانغلاق وكل أسباب الانحراف الاجتماعي أي تركت مكانها للعنف والإرهاب وإهدار كرامة الإنسان.
وأفاد بأن الحوار ليس درسا نتعلمه ولا مقررا نأخذه ولا قواعد نحفظها وإنما هو قيمة نتربّى عليها منذ الصغر والطفولة الأولى ويكون ذلك من خلال مشروع سياسي ومجتمعي يشترك فيه الجميع إيمانا وحبا لأنه لا حل دونه ولا حل غيره.
وذكر بأن الطفل يتعلم الحوار داخل أسرته مع أبويه واخوته، والحوار في المؤسسات التعليمية من خلال تغيير المناهج “محتوى وطرائق تدريس وطرائق تقويم”من مناهج تلقينية تقوم على قدسية المعلومة إلى مناهج فكرية تقوم على تنمية القوى الفكرية في الإنسان وهي قوى حوارية بالضرورة.
وختم بقوله : الحوار في المؤسسات المدنية والثقافية التي تساهم في نشر الوعي المدني وتغذي قيم الانتماء للوطن والدين. لأن الانتماء لا يكون إلا بإرادة حرة تحررت من المشاكل الذاتية وعالجتها وتحررت من مخاوفها الخارجية وواجهتها ولا يكون هذا التحرر إلا بالحوار لأن الحوار هو فعل العقل ونشاطه.