هكذا تتساءل بعض الأمهات منزعجةً من طفلٍ يصر على الخربشة رغم أنها تحاول تعليمه كتابة الحروف ما استطاعت! وتبحث عن روضة خارقة تعطيها وعداً وتعلم ابنها الكتابة في وقتٍ قياسي! .
فهل نسيت الأم أن طفلها كان يزحف قبل أن يحبو ويتعثر قبل أن يمشي؟
إن خربشة الطفل على الورق مرحلة مهمة لا بد أن يمر بها كل طفل حتى يتمكن في النهاية من الكتابة ورسم الرموز والطفل لا يستطيع أن يقفز مباشرةً إلى الرسم الموجّه دون أن يمر بهذه المرحلة الأساسية – تماماً كما أن الطفل لا يمكن أن يتعلم الأكل بالملعقة دون أن يبعثر الطعام، ولا يمكن للرضيع أن يوجّه يده ليمسك شيئاً دون أن يمر بمرحلة الحركة العشوائية بيديه ورجليه .
ولذا لا تضيقي ذرعاً بخربشات طفلك ولا تمنعيه منها بل شجعيه حتى ينتقل إلى المرحلة التالية، واسأليه وأنت تبتسمين عن معاني خربشاته وماذا يقول من خلالها .
إن حرمان الطفل من الخربشة بحجة أنه يلوث ملابسه ويوسخ الجدران! سيؤخر تمكّنه من الكتابة، هيئي مكاناً مناسباً ومساحة مجهزة لاستقبال الألوان وملابس خاصة ووقتاً ممتعاً تقضينه معه ودعيه يطلق ليديه الصغيرتين العنان ويرسم ما يحلو له من خطوط ودوائر ورموز لها ترجمتها ومعناها العميق في نفسه وحذار من أن تضغطي عليه ليكتب الحروف والكلمات،، وعضلاته الصغيرة لم تنضج بعد حتى لا يكره الكتابة والتعليم، حتى لو سبقه إلى ذلك بعض أقرانه ثقي تماماً بأنه سيصل إلى مرحلة الكتابة قريباً ما دمت تساعدينه وتعطينه أقلاماً ليخربش ويلون ويستمتع دون إصرار وضغط، فقط لا تتأخري كثيراً، فالتأخر في إعطاء الطفل هذه الأنشطة الحرة لتقوية الأصابع هو السبب، وكلما بدأ الطفل بالخربشة والتخطيط مبكراً كلما تجاوز هذه المرحلة إلى الكتابة والرسم مبكراً أيضاً.
وفّري له الألوان الكبيرة ليسهل عليه إمساكها والأنشطة المناسبة ليمارس هوايته ويواصل تعلمه من خلال الخربشة، فالصلصال رائع لتقوية العضلات الصغيرة ولضم الخرز للتآزر بين العين واليد، وبعض ألعاب التركيب الصغيرة، وكرمشة الورق، والأعمال الفنية الممتعة، واللعب بالرمال وتشكيل الطين.
كذلك فإن إعطاء الطفل أوراق العمل المهيِّئة للكتابة والكراسات القابلة للمسح ومطالعة القصص المصنوعة من الورق المقوى، كل ذلك من شأنه أن يضيف إلى خبرات الطفل ويسهل عملية انتقاله من مرحلة التخطيط العشوائي إلى رسم الرموز والأشكال ليغدو مستعداً تماماً للكتابة والإنطلاق على سلم التعلم الأكاديمي.