أعزائي .. إليكم قصة تدور بين دواء قديم ودواء جديد منافس له – كان هناك دواء مهم حيث كان يعتبر الرقم الصعب في الصيدلية المركزية حيث يوضع في مكان بارز وتحت الملاحظة ويتميز هذا الدواء بأنه دائم الفخر بنفسه وبعلبته الأنيقة وشكله المميز وذلك ما يجعله محبوبا لدى من يصرف له من المرضى وبه يكون الشفاء بإذن الله .
مرت الأيام .. ومازال هذا الدواء يحتل المكانة الأولى والاهتمام والتوصية الخاصة بالصيدلي بصرفه من قبل الطبيب الاستشاري وكل يوم يتم التأكد من وجوده وإعادة ترتيبه وتنسيقه وهو يشعر بالفخر والزهو على الأدوية الأخري ويوزع عليهم ابتسامته الساخرة لأنه سيأتي دورهم في الترتيب لكن بعد الانتهاء منه هو أولا .
في يوم من الأيام قام أحد الصيادلة ببحث عميق في( الإنترنت ) وكعادة الصيادلة في البحث الدائم عن التطورات والاكتشافات الجديدة للأدوية والبحث عما هو أجدى وأنفع للمرضى ومناقشة ما يجد من الأدوية مع الأطباء والاستشاريين واعتماد الأدوية المناسبة منها وحدث ما لم يكن في حسبان الدواء حيث سمع أن هناك دواء جديدا يفوق في خواصه دواءنا القديم وهو مطروح على اللجان الطبية
وينتظر تسجيله في وزارة الصحة واعتماده قريبا في الصيدلية المركزية .. أثر هذا الكلام في دوائنا وشعر بالقلق والتوتر والحزن الشديد وأخذ يتمتم أبهذه السهولة يا رفيقي الصيدلي تستغني عن وجودي ؟!
وقد كنت تحت تصرفك وسلاحك الفعال ضد الأمراض – مازالت الحركة دائبة في الصيدلية المركزية من دراسات وأبحاث واجتماعات ومؤتمرات في كل الأقسام الطبية في المستشفى لتسجيل الدواء الجديد والكمية التي سيتم توفيرها للمستشفى ومع ذلك مازال هناك بصيص من الأمل لدى دوائنا حيث كان يتمنى أن يدافع
عنه أحد الصيادلة أوالأطباء أو الاستشاريين لكن أمانيه ضاعت سدى ففي صباح يوم من الأيام فوجئ دوائنا القديم بيد الصيدلي المناوب وهي تنتزعه من مكانه و تزيحه جانبا لتفسح المكان للدواء الجديد …
هاقد جاء الدواء الجديد وهو يشعر بالفخر والزهو على دوائنا القديم وينظر إليه بابتسامة ساخرة قائلا له : أهلا بك لماذا أنت أنت خائف هكذا ؟!
لا تقلق يا عزيزي .. سأكون ضيفا خفيف الظل عليك .. لا بأس عليك… ها ها ها – شعر دواؤنا بالغبن فلم يعد يملك المكان الفسيح والبارز في الصيدلية ولكنه استعاذ بالله وتلبس الصبر عسى أن يكون الفرج قريبا .
مرت عدة أيام ولم تأت أي وصفة طبية أو أمر من أي طبيب لصرف الدواء الجديد مما – أفرح دواؤنا القديم وتمنى أن لا يفكر أحد بالدواء الجديد وأن يبقى على هذه الحال
من الإهمال حتى يعرف قدره لكن هذا الأمر لم يستمر طويلا ففي أحد الأيام جاءت وصفة طبية بأمر من الطبيب الاستشاري بصرف الدواء الجديد فقام الصيدلي بالتوجه ألى مكان تواجد الدواء الجديد قائلا : نعم هذا هو الدواء المطلوب .
فابتسم الدواء الجديد ووجه كلامه لدوائنا القديم قائلا : أخيرا ، إنها الضربة القاضية فتصبب دواؤنا القديم عرقا وأصيب بخيبة الأمل وردد قائلا : لا بأس فالأيام بيننا .
مرت سنة و الدواء الجديد في حركة نشطة وطلب مستمر ودراسات عديدة تجرى عليه وإحصائيات لنتائج تقدم المرضى الذين يستخدمونه من قبل الصيدلي السريري والأطباء الاستشاريين لكن و للأسف بعد مرور هذه السنة لم يعتمد كدواء بديل لدوائنا القديم وذلك لوجود بعض المضاعفات عند مستخدميه وقد أدخل هذا القرار الفرح و السرور على دوائنا القديم وشعر برغبة في الانتقام من الدواء القديم فطرده شر طرده قائلا : ” لا مقر لك – هنا ، فابحث لك عن مكان آخر صخرة وأزيلت عن طريقي .”
أعزائي : هذه هي حال الأدوية في الصيدلية فمع تقدم العلم والبحوث وتغير صورة الأمراض وأعراضها ومسبباتها تظهر لنا أدوية جديدة قد تكون أجدى وأنفع وقد تبقى أدوية قديمة ذات فعالية وجدوى لفترة طويلة من الزمن .