لم يخطر ببالي أني سآتي إلى هذه الحياة وأرحل من دون أن ألتذَّ بطعمها وألبس زين ردائها، مع أن ربي قد وهبني قسطاً من جمال الروح والصورة..
كنت أتأمل كما هو حال كل فتاة بقدوم فارس الأحلام على حصان أبيض جميل ذو جناحين يُحلق بي في عالم الحب الذي به تطيب العشرة وتزدان بثمار الحياة حلوة المذاق..
قضيتُ طفولتي بالمرح واللعب كأي إنسان، لكن عندما بلغت سن التكليف بدأت تراودني أحلام الفتيات البالغات، كنت حينها على يقين بأن أحلامي ستتحقق ومكوثي في بيت العزوبية لن يدوم طويلاً، مرّت السنون وتجاوزت مرحلة المراهقة حتى ما إذا أبحرت في محيط الثلاثين، وبلغت من العمر 25 عاماً رأيتٌ شاهدت فرسان الأحلام تطرق باب حياتي ورأيت الولي يردهم عني، حينها فقط أدركت بأن الأحلام لا تتحقق بالأماني..
مرت أعوام وأعوام طافت بي بي محيط الثلاثين وأبحرت بي في محيط الأربعين، ذلك المحيط الذي أبعد الفرسان عن باب حياتي وجعلني أتحسر على شبابي، ومع ذلك لم أقنط فخيط الأمل لم ينقطع والأحلام لم تبتعد فهي ترافقني في يقظتي ونومي.. بقيتُ متأملة ولحياة سعيدة ناظرة إلى أن جاءت لحظة الحسم حيث بلغت من العمر 45، كنتُ حينها أتحدث مع قريباتي بوجه مقبل على الحياة وكأني للتو قد بلغت سن التكليف،
بينما أنا كذلك وإذا بي أرى فارساً مقبلاً علي بصورة عجيبة ليست كصورة البشر، ماهي إلا لحظة أقرب من لمح البصر وإذا بي أراني وقد حلقتُ في عالم بعيد عن عالم الدنيا حينها أدركت أن ذلك الفارس هو ملك الموت قد أتاني ليقبض روحي ويخمد أنفاسي ويسكت قلبي الذي تعب من نبض الأمل في حياة لم أُدرك حلاوتها، لأدخل في حياة مفعمة بالرحمة والنعيم الذي بشر بها الرؤوف الرحيم عباده الصابرين