كويكب توهجت بعلم وأراده ومثابرة لتحصد نتاج بحث وعلم… هكذا هي فتاة الشرقية أحسائية الجذور فاطمة عبد المنعم الشيخ التي حصدت عدة جوائز في تنافسات أولمبية للعلوم على مستوى العالم
فخر الوطن كان لصحيفة جواثا الإلكترونية معها هذا اللقاء التالي :
من هي فاطمة الشيخ ؟
دمّي أحسائي لكنّي وُلدت وترعرعت في مدينة الدمام.ونشأت بين خمس أخوات، أثّرت كل منهن في تشكيل شخصيتي وأهدافي.
هل كانت مشاركتك في المسابقة اجتهاداً فردي منك أم هناك جهات رشحتك لذلك ؟ ماهي الجوائز التي حصدتها فاطمة وماكان مسمى المسابقة وكيف علمتي بها ؟
شاركت في الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي -المسابقة المحلية للبحث العلمي- و مسابقة آيسويب الدوليّة -التي حصلت فيها على الميدالية الفضية-. يمكن لأي شخص المشاركة بمسابقة آيسويب بتقديم ورقة بحثية، وبعد ذلك من الممكن أن يتم ترشيحه للتسابق في أمريكا. والطريقة مشابهة للأولمبياد حيث يعبّي الطلاب نموذج في موقع موهبة، ومن الممكن أن يترشّحوا بعد ذلك للتسابق في الرياض. بالنسبة لمسابقة إنتل آيسف، فبعد فوزي بالمركز الثالث في الأولمبياد الوطني، تم ترشيحي لتمثيل المملكة فيها وهي أكبر مسابقة علمية للطلاب دون الجامعيين حيث يشارك فيها ما يقارب 1800 طالب من حوالي دول العالم. و فزت في إنتل آيسف في المركز الثاني في مجال علم النبات وجائزة خاصة من شركة مونسانتو للاستدامة والابتكار في مجال علم النبات و تكريم من ناسا بتسمية كويكب باسمي.
ما سبب اختيارك لمثل هذا الموضوع ؟وكم استغرق منك وقت وجهد ؟
اخترت هذا الموضوع لأن المشكلة التي يحلها لا تقتصر على دولة أو فئة معيّنة. أي دولة يوجد فيها محصول زراعي، تعاني من الأعشاب الطفيلية. لكن الفرق أنّ الدول المتقدمة لديها طرق أكثر تطوّرًا للتخلّص منها لكنّها تكون مكلفة على الدول الناشئة. فسعيت لتوفير حل مبتكر و معتدل الثمن لكي ينتفع منه جميع الطبقات. كان وقت إنجاز البحث مضغوط جدًا. لأني من سكان المنطقة الشرقية وأجريت البحث في معامل جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في المنطقة الغربية. فكنت أسافر في وقت الإجازات للعمل عليه واستغرق ما يقارب 8 أسابيع من الوقت بجهدٍ كبير لم أبذل مثله من قبل حيث كنت أقضي ساعات طويلة للعمل في إجراء التجارب وتسجيل النتائج وقراءة الأوراق البحثية المتعلّقة ببحثي وما إلى ذلك، فكان يستهلك الكثير من الجهد والصبر.
منذ متى تميل فاطمة للمعادلات الكيميائية وعالمها ؟
أنا أميل للعلوم لأنها وسيلة وليس هدف. الهدف دائمًا هو تحقيق رسالة الخالق في إعمار الأرض ومساعدة المجتمع على النهوض. وبما أنّ العلوم هي الوسيلة الفضلى لذلك، ألتمس فيها متعة وغاية.
ما دور الأهل في نجاح فاطمة ومن له الدور الأهم في تحفيزك ؟
دور الأهل حاسم بلا شك. القيم التي غرسوها فيّ والدي هي النهج الذي سرت عليه للوصول للنجاح. لولاهم لما كبرت وأنا “همّي” أن أصنع شيء إيجابي، مغيّر، مفيد. أنا لا أقول فالتصبح الهدفية الشغل الشاغل، من المهم أن تكون لدينا “اهتمامات” فقط لغرض التنفيس، وهذا ما يجعلنا بشر وليس آلات. لكن حث والدي على مصاحبة الاهتمامات بـ”هَم” أسعى له هو الذي كان دائمًا يعيد ضبط اتجاه بوصلتي.
ماهي الخطوات التي قادتك لهذا الانجاز وهل واجهت صعوبات ؟
طريق النجاح ليس محاط بسور من الورود. بل بالمُلهيات والمعيقات والسلبيات والكثير من المنعطفات وبعض الدموع. قبل مشروعي الفائز، كانت لدي مشاريع بحثية لم تصل. وفي مشروعي الأخير واجهت الكثير من المعيقات والضغوطات خاصةً لأني كنت بالصف الثالث ثانوي. كان في فترات متقاربة ومتعارضة لدي اختبار التحصيلي، الاختبارات النهائية، حفل التخرج، السفر لكاوست لإكمال بعض التجارب.، السفر لمسابقة آيسويب، والسفر لمسابقة آيسف. لعلّ الإجراءات البيروقراطية كانت الأصعب؛ لأنّه كنت أريد تقديم الاختبارات النهائية لكي لا تتعارض مع وقت المسابقات البحثية الدولية. ولم تأتي الموافقة إلّا بعد الجهد والصبر.
حدثينا عن ماهية البحث وفوائده للبيئة ؟
المشكلة التي يحلّها المشروع هي الأعشاب الطفيلية الجذرية التي تسبب أضرار جسيمة اقتصاديًا واجتماعيًا بتدميرها للحقول الزراعية. طرق التحكّم المتّخذة حاليًا تتخلص من الأعشاب الطفيلية فحسب، بينما تبقى ملايين من البذور الضارة في التربة وتستمر في النمو والتطفل كلما يُزرع محصول جديد. يهدف المشروع للتخلّص من رصيد البذور الطفيلية في التربة باستخدام مركب كيميائي مبتكر ويسير التكلفة ينظّف التربة الزراعية من هذه البذور الضارّة.اختبرت المركّب الكيميائي المبتكر على أكثر من ٩٠٠٠ بذرة و٢٠ نبتة
ما الحلم الذي تسعى لتحقيقه فاطمة ؟
سؤال محيّر. وأعتقد الكثير ممن في عمري يعانون من نفس الحيرة. لأنّ العالم يبدو وكأنه في يدنا للاكتشاف. هدفي الحالي هو الاكتشاف للتيقّن من المجال الذي أريد أن أفني فيه جهدي. وهذا كان سبب خروجي من بعثة أرامكو السعودية مؤخّرًا، لأنها ستُحتّم علي العمل في مكان معيّن. يطلقون عليه الناس مسمّى “وظيفة مضمونة” لكنّي رآيتها “حياة على سبيل النجاة”. حقًا، من أجل ما يحزنني أن أرى شابًا وشابة متوهجين بالحماس والطاقة والقدرة على التغيير والإبداع، أن يُجبروا على كبت ذلك كله والمسير في الاعتيادي، فقط لأنه آمن.
هل المركب أصبح جاهزاً للتسويق وهل حصلت على مايسمى براءة اختراع ؟
البحث في بداية مشواره للوصول للمركّب الأمثل. فبعد تجربتي للمركّب الأساسي، صنعنا نظائر للمركّب الأساسي وأبدت أنّ لها فعالية أقوى! يجب أيضًا تجربته في الحقول ومقارنتها بنتائج المختبر قبل الحصول على البراءة وتسويقه.
كيف كان وقع خبر الفوز والتسمية لكويكب باسمها على فاطمة ؟ ومن ثم محيطها ؟
أكبر كَم من المشاعر في لحظة واحدة. شعور امتنان لكل من عاونني. وشعور بالخجل من تدفق منايا الخالق. وشعور بالمسؤولية أنّه يجب علي توظيف ما وهبني الله فيما ينفع الإنسان ويرضيه. ردّة فعل من حولي غامرة جدًا. احتضننوني بالتبريكات والحُب والدعوات، وأسعدني الدعم أكثر من أي جائزة.
ما هي رسالتك لبنات جيلك ؟
كلمة خاصّة للبنات من عمري. أوافقكم أنّ لدينا ضعف المعيقات بالنسبة للأولاد وأكثرها اجتماعيّة. لكن لدينا خيارين: أمّا أن نستسلم في وجهها، في وجه المحبطين. أو أن نثبت للمحبطين ولأنفسنا أنّ فينا القدرة على تحقيق ما نأمل به وعلى رسم طريقنا بأيدينا. الحياة أقصر من أن لا نُجرّب ونفشل وننجح ونقضي وقتنا في الّذي نريده وليس ما يريده الغير لنا. يجب علينا نحن أن نتشجّع للمضي فيما نُحبّه لكي نسهل الطريق على الفتيات اللاتي سيأتون من بعدنا.
كلمة أخيرة لصحيفة جواثا ؟
شكرًا على الاستضافة “جواثا” خير اختيار للاسم المسجد الذي أقيمت فيه ثاني جمعه في الإسلام – تذكرة لإحياء رسالته في كل خطوة.