لو تتبعنا الآيات القرآنية التي تدفع المسلم ببر والديه لرأينا فيها عمق اهتمام الإسلام بمسألة بر الوالدين فهي ميثاق الله تبارك وتعالى الذي أخذه على عباده قال تعالى وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا.
وقد قرنها الله بدعوة التوحيد وعدم الشرك به لعظم شأنها وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وقوله: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا
ولعظيم شأن بر الوالدين وحرمة عقوقهما أوجب الله مصاحبتهما في الدنيا بالمعروف فلا يذهبن بحلمنا الشيطان فنعزف عن برهما بدواعي يتخيل إلينا أنها دينية كعدم التزامهما الديني والأخلاقي وغير فبرهما واجب على كل حال، إذ لا يمكن تصور ذنبا أكبر من الدعوة إلى الشرك بالله تبارك وتعالى،
فإذا صدر من الوالدين فلا تجب طاعتهما فيه ويجب برهما وإن ضغطا عليك للشرك والمعصية يقول تعالى : ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ* وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ.
وبر الوالدين مفخرة الأنبياء قال عيسى وبرًا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا. واعلموا أن بر الوالدين أو عقوقهما هو دين في الرقاب يوفى إليكم بعد حين الرسول ص بروا آباءكم تبركم أبناؤكم وليعلم الوالدان أنهما هما من يزرعان برهما في روح وفكر أولادهما، وذلك ببرهما بآبائهما وأمهاتهما، وبتغذية الأولاد بهذه الفضيلة وغرسها في سلوكهم، يقول الإمام علي عليه السلام: رحم الله والدين أعانا ولدهما على برهما.
وأخيرا لنعلم أن بر الوالدين لا ينقطع بوفاتهما فقد فتح الله لهما باب رحمة هو برهما من ولدهما بعمل الصالحات نيابة عنهم من العبادات ومطلق القربات بالأعمال الصالحة كما أبقى هذا الباب مفتوحا للأحياء حتى يضاعف لهم الثواب ولكي يتدارك المقصر منا تقصيره في البر بهما في حياتهما اللهم ارزقنا محبتهما وبرهما ما أحييتهما وبعد وفاتهما وصلى الله على من دعا الى برهما محمد وآله الطيبين الطاهرين .