مرت السنوات وتوالت الأيام وهاهي قرية البطالية الوادعة تحتفل بزفاف كوكبة من أبنائها وبناتها، ولعل ما يميز هذا العام هو مرور ربع قرن كامل على إقامة أول مهرجان للزواج الجماعي في هذه القرية الجميلة، المشهورة بطيبة أهلها، إذ تخطَّى عدد الفرسان طيلة هذه السنوات الألفي فارس وفارسة. ولعل السر في نجاح وديميومة الزواج الجماعي في قرى الأحساء وتوقفه في مدنها هو التكافل والتعاون، والأنخراط في القيام بالمهام المناطة، فلجان عدة يتم تكوينها ينخرط فيها مئات المتطوعون لخدمة زوار المهرجان الذين يصلون إلى عشرات الألاف سنويا.
ويعتبر العمل التطوعي أو كما يسمى حديثاً في أدبيات التنمية “رأس المال الإجتماعي“ من أهم الوسائل الحديثة للنهوض بالمجتمعات، وذلك للتغير المستمر وازدياد الإحتياجات الاجتماعية، وتعقد الظروف، إذ يعتقد بأن لهذه المنظمات الأهلية التطوعية دوراً سباقاً وليس فقط تكميليا في حل المشكلات الاجتماعية والثقافية والإقتصادية. ويعتبر العمل التطوعي سمة من سمات المجتماعات المتحضرة؛ لكونه عمل خالٍ من الربح والعائد المادي، ويؤكد التعاون وإبراز التفاني في البذل والعطاء عن طيب خاطر، وأيضاً الصدق والتراحم والتكافل. كما تكمن أهميته في كونه يعمل على مشاركة أبناء المجتمع الواحد في قضايا مجتمعهم وتقدمه وأيضاً يعتبر انعكاس لوعي الفرد وانتمائه لمجتمعه، وينم على احترام العمل الذي يستفيد منه بالدرجة الأولى المجتمع و أيضا يعطى بحرية دون توقع جزاء أو مردود مالي.
أن بروز ظاهرة الزواج الجماعي وتفرده في قرى الأحساء وديموميته على فترات طويلة تصل إلى 25 عاما يقف خلفه سواعد شابة، مواصلين ليلهم بنهارهم في سبيل إنجاح المهرجان، والقرب من العرسان والتماس حاجاتهم ومشاركتهم أفراحهم، فلهم كل الشكر والتقدير لما يقومون به من جهود، إذ يحققون أهم اهداف قرى الأحساء وأكبر مشاريعها التي تعود بالأثر الكبير على الشباب والفتيات، ومن هذه الجهود تدريب وتثقيف العرسان بدورات تدريبية قبل زفافهم إلى عش الزوجية عبر مراكز متخصصة.
فمزيداً من الدعم والرعاية لمثل هذه الجهود المباركة ومزيداً من الالتفاف لانجاح هذه المشاريع الرائدة.