(وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا) [سورة اﻹسراء 82]
عندما يستعرض الانسان المؤمن آيات القران الكريم وكذا الحال ادعية اهل البيت عليهم السلام وخصوصا المناجاة الخمسة عشر من الصحيفة السجادية يجد في بعضها ما يستوقفه من آيات او مناجاة ويرى ان انها تلامس روحه ويأنس بها قلبه او تعبر عما يعانيه من مشاكل نفسية او ممارسات سلوكية…
وكأنها تعنيه إذ تشنف سمعه وطرب روحه ويشعر بألفة نحوها واستطعام وعذوبة لعباراتها مما يخلق لديه رغبة في داخله لترديدها واستنطاق معانيها.
ولكن حالة الانس او الارتياح تلك قد تتغير بتغير المستوى الروحي او الاستقرار النفسي والانضباط السلوكي لدى ذلك الانسان ليرى انه يتفاعل اكثر مع آيات او مقاطع من ادعية اخرى غير تلك التي كان يأنس بها من قبل لأنها تعبر عن ما أستجد من حالته حينها بما تلامس من حاجات جديدة اخرى ارقى او ادنى من السابقة وهكذا وعليه يختلف الناس تجاه ذلك تبعا ووفق اختلاف حالتهم الفكرية والنفسية والسلوكية .
وآلية حالة الارتياح هذه وتبدلها حين يمارسها الإنسان اشبه بما يمارسه الطبيب عند استخدام سماعته حيث يمررها على صدر وبطن المريض ليتحسس بعض العلامات او الاعراض الدالة على شكوى المريض ونوع وجهة معاناته وربما دعته الحالة بطلب المزيد من الفحوصات ليصرف بعدها له الدواء مالم يكن المريض بحاجة الى تدخل جراحي .
وكذا الحال بالنسبة للمؤمن مع القران الكريم وما ورد عنهم من ادعية يتحسس من خلالهما داء قلبه وفكره وسلوكه فيجد فيها ما يقوي روحه او يثري فكره ويشد عزمه ويلين ويطمئن قلبه او ويزكي نفسه ويجعله اكثر استعدادا وتحفزا للتغير نحوى الافضل أو التحمل و التعايش مع ما هو أصعب وقد يتطلب ذلك تغيرا سلوكيا يسبقه تغير في القناعات واعادة تنظيم اولويات بعض القيم . (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ۗ ) [سورة الرعد 11]
وقد ورد في هذا الشأن الكثير من الآيات و الروايات. – (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [سورة الرعد 28]
فضل القرآن : وَاعْلَمُوا أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لَا يَغُشُّ وَالْهَادِي الَّذِي لَا يُضِلُّ وَالْمُحَدِّثُ الَّذِي لَا يَكْذِبُ وَمَا جَالَسَ هَذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلَّا قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ زِيَادَةٍ فِي هُدًى أَوْ نُقْصَانٍ مِنْ عَمًى وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَدٍ بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَةٍ وَلَا لِأَحَدٍ قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنًى فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لَأْوَائِكُمْ فَإِنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ وَالْغَيُّ وَالضَّلَالُ
فَاسْأَلُوا اللَّهَ بِهِ وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ وَلَا تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمِثْلِهِ وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَة
أَلَا إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلًى فِي حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَاسْتَدِلُّوهُ عَلَى رَبِّكُمْ وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ .
نهج البلاغة
– ان الله جعل الذكر جلاء للقلوب تبصر به بعد العشوة وتسمع به بعد الوقرة وتنقاد به بعد المعاندة (الامام علي (ع) .
– فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ دَوَاءُ دَاءِ قُلُوبِكُمْ وَ بَصَرُ عَمَى أَفْئِدَتِكُمْ وَ شِفَاءُ مَرَضِ أَجْسَادِكُمْ وَ صَلَاحُ فَسَادِ صُدُورِكُمْ وَ طُهُورُ دَنَسِ أَنْفُسِكُمْ وَ جِلَاءُ عَشَا أَبْصَارِكُمْ وَ أَمْنُ فَزَعِ جَأْشِكُمْ وَ ضِيَاءُ سَوَادِ ظُلْمَتِكُمْ .(الامام علي (ع)
– أمَّا اللَّيْلَ فَصَافُّونَ أقْدَامَهُمْ ، تَالِينَ لأجْزَاءِ القُرْآنِ يُرَتِّلُونَهُ تَرْتِيلا . يُحَزِّنُونَ بِهِ أنْفُسَهُمْ ، وَيَسْتَثِيرُونَ بِهِ دَوَاءَ دَائِهِمْ ، وَمَا يُهَيِّجُ أحْزَانَهُمْ بُكَاءً عَنْ ذُنُوبِهِمْ وَجِرَاحِهِمْ وَوَجَعِ كُلُومِهِمْ . فَإذَا مَرُّوا بِآيَة فِيهَا تَشْوِيقٌ رَكَنُوا إلَيْهَا طَمَعاً ، وَتَطَلَّعَتْ نُفُوسُهُمْ إلَيْهَا شَوْقاً ، وَظَنُّوا أ نَّهَا نُصْبَ أعْيُنِهِمْ . وَإذا مَرُّوا بِآيَة فِيهَا تَخْوِيفٌ أصْغَوْا إلَيْهَا مَسَامِعَ قُلُوبِهِمْ ، وَاقْشَعَرَّتْ مِنْهَا جُلُودُهُمْ ، وَوَجِلَتْ مِنْهَا قُلُوبُهُمْ ، وَظَنُّوا أنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَشَهِيقَهَا فِي اُصُولِ آذَانِهِمْ ، .( من خطبة المتقين) (الامام علي (ع) .
اَللّـهُمَّ ارْزُقْنا تَوْفيقَ الطّاعَةِ، وَبُعْدَ الْمَعْصِيَةِ، وَصِدْقَ النِّيَّةِ، وَعِرْفانَ الْحُرْمَةِ، وَاَكْرِمْنا بِالْهُدى وَالاِْسْتِقامَةِ، وَسَدِّدْ اَلْسِنَتَنا بِالصَّوابِ وَالْحِكْمَةِ، وَامْـلأ قُلُوبَنا بِالْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَطَهِّرْ بُطُونَنا مِنَ الْحَرامِ وَالشُّبْهَةِ، وَاكْفُفْ اَيْدِيَنا عَنِ الظُّلْمِ وَالسَّرِقَةِ، وَاغْضُضْ اَبْصارَنا عَنِ الْفُجُورِ وَالْخِيانَةِ، وَاسْدُدْ اَسْماعَنا عَنِ اللَّغْوِ وَالْغِيبَةِ
أخصائي نفسي ومستشار أسري