مَنْ يحملُ شعلة الأولمبياد؟ مَنْ يبتكرُ خطوة جبّارة في فوضى الريح؟ مَنْ الفارسُ القادم على صهوةِ جواده كي يردع الأسى في مجتمع قروي يضجُّ بالحداثة و التمدن؟ مَنْ يقف وراء الزواج الجماعي بقرية البطالية طوال 25 عاماً؟
إن الشعلة الأولمبية ترمز إلى انتقال المبادئ والأفكار من اليونانيين القدماء إلى العالم الحديث حيث بدأت في ألعاب برلين عام 1936م و باتت تقليداً رياضياً حيث يستغرق حمل الشعلة إلى أسابيع و شهور كما يتناوب على نقلها شخصيات مشهورة حتى إعلان الافتتاح .
هذه الروح الخلاقة التي باتت أسطورة في أعناق اليونانيين يتوارثونها (جيلاً بعد جيل) هو شعارُ الزواج الجماعي بقرية البطالية التي حملتْ عاتقها استمرار المبادئ و القيم بلا كلل أو عجز ؛ فأي حراك اجتماعي يستلهم من قوى التاريخ المؤثرة عنفوانه لاشك أنه سيكون متوثباً وكريم الخطوات مثل الأنبياء الذين يغتربون لصناعةِ وطنٍ على هيئةِ إنسانٍ متجاوز بحريته و مستقبله ورؤاه .
بمقدار هوس اليونانيين بالأساطير كذلك انجذابُ القرويِّ لذاته و بحثه الدائم عن كينونته في صراع التمدن مع بقائه في حرم الأصالة وتقديس كل موروثه عبر نجاحه في خلق فضاءات ملونة قادرة على استيعابِ الأطياف المختلفة و الزج بها في فلك التغيير و هو ما أراهن على أبعاده من خلال تحليق هؤلاء (المتزوجين) في حياةٍ منذورةٍ للحب و البهاء و الشراكة الإنسانية التي تُحاكي الأمم المتحضرة في قوانينها الاجتماعية من حيث المساواة بين الرجل و المرأة بدلاً من السيادة و الصرامة في عقلية الرجل الشرقي المتوتر دائماً بعلاقته مع المرأة لذلك نحنُ أكثر حرصاً على الوعي و الاجتهاد في انسجام الأرواح لا تقريب الأجساد فحسب .
يقول الأمريكي واين داير (صاحب كتاب قوة النية الذي بيع منه أكثر من 30 مليون نسخة عام 1976) : ” لا يمكن أن تكون وحيداً لو أحببت الشخص الذي أنت وحيد معه” من جهة أخرى يقول مولانا جلال الدين الرومي (صاحب كتاب المثنوي) : “الحب هو الجسر الذي بينك وبين كل شيء” كما يقول الشاعر محمود درويش (صاحب القصيدة المشهورة أحن إلى خبز أمي) :
” الحياة تعلمك الحب ، التجارب تعلمك من تحب ، المواقف تعلمك من يحبك” لم أضع هذه الشواهد من أجل الحب بل من أجل الحياة التي ترشدنا للحب بأصابع ملطخة بالشوكلاتة لا بالدماء إنها التهمة التي لا يردها عاقل و قد سبقنا إليها كل مجنون و قد اقتبستُ منها ما يليقُ بشابٍ أعزب سوف يدهنُ رأسه بالأمنيات بعدما اقشعرّ بدنه بالأوهام ، و بوابة الزواج الجماعي التي جيّشتْ أعوانها و اقترحتْ للحبِّ مكاناً مخملياً على أطراف قرية البطالية سوف نفرشه بعيوننا ، و نلوّح للرائح و الغادي أن هذه الأرض الطيّبة كانتْ رمزاً للخلود حيثُ مرّ بها كلكامش في رحلة بحثه عن الخلود ،
ولابد أن نصنع من أمجادها التليدة مجداً شبابياً يليقُ بروح آبائنا حيثُ تمخضتْ فكرة (برّ الوالدين) كشعارٍ يُلبي رضا هذه الأرواح المتآلفة دون إقحامٍ أو اقتحام للخلافيين أو للاختلاف الذي لا مكان له هنا ، و عندما أقول هنا أشير إلى قلبي الذي لو قَبله منظمو الزواج الجماعي ليكون مقراً سنوياً لهم لن أبخل عليهم به و سيكون إيجاره مجانياً مدى العمر “وفي ذلك فليتنافس المتنافسون” و في ذلك …. كل مُحبِّ عليه استثمار قلبه للبهجة و الفرح و المودة التي إما أن تكون رفيعة المستوى أو لا تكون .
وكعادتي استرسلتُ كثيراً في أبعاد شتى وتركتُ الإجابة على أسئلتي الأولى لكل “لبيبٍ بالإشارةِ يفهمُ” .
بقلم : محمد الفوز