لم نتوقع أن يأتينا هذا الهم بعد تخرج الابناء من الثانوية بعدما كنا نشاهد هذه الازمة في المسلسلات المصرية وأقول هم التخصص وليس القبول بالجامعة او بالكلية فقط .
ما منشأ مشكلة صعوبة اختيار التخصص ما بعد الثانوية؟ حسب معرفتي المتواضعة أسبابها: الطالب نفسه والمدرسة والأسرة وسوق العمل والأسرة والمجتمع ذاته . قبل مناقشة الأسباب لا بأس من التطرق إلى الثقافة المجتمعية بعد الطفرة الاقتصادية البترولية التي عاشتها دول الخليج العربي ومنها السعودية .
نعمت دول الخليج في بحبوبة من العيش بحيث انعكس سلبا على بعض الأسر والشباب وليس كلهم ، بهذه الفترة شعر أفراد الأسرة بعدم أهمية الدراسة او المعدل والاكتفاء بمرحلة إبتدائية أو متوسطة ومعدل مقبول مقبول أو جيد ما دام الطلب في سوق العمل اضعاف العرض حتى أن بعض الشركات الكبرى اكتفت بالتوظيف للسعوديين بشرط فك الحروف وبالفعل من خلال التدريب والتأهيل الناجحين اخرجت كوادر مهنية مناسبة لعمال وموظفين متدني التعليم .
الطفرة الاقتصادية أثرت على كثير من الشباب سلبا بضعف الطموح بل بأنعدامه مع هذا الأسر استغلت الطفرة التعليم والدراسة والابتعاث على حساب الأسرة، لكن لما زاد عدد الطلاب والخرجين في أغلب التخصصات بدأ الفرز على معيار التفوق وجودة مخرجات الطالب، بدأت الجامعات بقبول ما هو متفوق ومتميز من خلال اختبارات القدرات والتحصيلي.
لنعود إلى أسباب حيرة وصعوبة اختيار التخصص وهي : الطالب هو من يصعب معرفة التخصص المناسب لقدراته وميوله بعدم تحديد الهدف الذي يريده من البداية، لأن أغلبهم ينقصهم الوعي بأهمية موضوع التخصص الجامعي بل لا يعرف أنه المحفز الأول للتخطيط والاجتهاد في حياته الدراسية من أجل الحصول على النسبة التي تؤلهه للتخصص المطلوب .
معظم الطلاب المتفوقين هم أولئك من حددوا منذ المرحلة الابتدائية أو المتوسطة ما التخصص الذي يناسبهم قدراتهم العلميه و ميولهم، وضوح الرؤية عند الطالب تجعله يعرف ماذا يريد والمفروض فعله حتى يحقق هدفه. السبب الثاني هي المدرسة بهيئتها ومناهجها ، ان منظومة تعليم المراحل الأولى لها دور كبير في اكتشاف ميول الطلاب ونقاط قوتهم التعليمية والدراسية ،
من خلال التوجيه والارشاد يمكن توعية الطلاب بأهمية التخصصات الدراسية بعد مرحلة الثانوية وهذه المحطة يفترض أن تبدأ بالمرحلة المتوسطة بل من الصفوف الأخيرة بالابتدائي، أن تتصمن المقررات الدراسية منهج معين يوضح ضرورة معرفة رغبة الطالب في التخصص الجامعي يساعده في إنارة طريق التعليم الحامعي.
سوق العمل سبب آخر ومؤثر بأختيار التخصص العلمي حتى لو لم يوافق رغبته وطموحه، كثير من الطلاب إصيبو بالاحباط بل اتجهو إلى البحث عن وظيفة مضمونة بعد الثانوية او بعد دورات تدريبية قصيرة نتيجة الاحباطات الماثلة امام اعينهم من خلال أقاربهم ومعارفهم . سوق العمل وتغيرات متطلباته يفرض واقعا على مخرجات التعليم ما بعد الثانوية خصوصا بعصر الثورة الرقمية السريعة حتى انه لم تعد بعض الجامعات المحلية تلاحق ما يستجد من تخصصات ومناهج في التعليم الاكاديمي والتدريب المهني مثل الدول المتقدمة صناعيا وتقنيا.
التطور المستمر في طلبات سوق العمل يفرض التنسيق ما بين القطاع الخاص والتعليم الأكاديمي ومعاهد التدريب التقني بالمناهج وأساليب التعليم وهذا بدوره يربك الطلاب في اختيار التخصص المناسب. السبب الرابع هي الأسرة، للبيت دور كبير في توعية ابنائهم فيما يختارونه من تخصصات والاقرب لميولهم ولسوق العمل ، إذا كان الوالدان متعلمين يسهل عليهما توجيه الابناء نحو التخصص الملائم.
المجتمع السبب الأخير في حسن اختيار التخصص بوعي أفراد المجتمع يمكن أن يخلق مناخ واعي عام بالتخصصات الملائمة لسوق العمل وطلبات الوظائف بواسطة استشارات ومناقشات ذوي الخبرة. المحاضرات والندوات لمتخصصين ومرشدين في ساعدت بتوعية كثير من الطلاب بحين اختيار التخصص ومناسبته لميولهم التعليمية، لكنها تبقى قليلة ولم يقتنع أغلب المجتمع بأنها مفيدة في اختيار التخصص الاكاديمي.
ينبغي التفكير الواقعي لدى الطلاب وأسرهم بأن هذا العصر لم يعد مثل قبل٠ سنة بأن الطالب يتجه لما يرغب له حتى لو لم يكون مطلوبا بسوق العمل، العامل الأساس في اختيار الاكاديمي والمهني هو موائمة التخصص وفق طلب سوق العمل والمشاريع التجاربة والصناعية وريادة الأعمال ، لأن أكبر مشكلة تواجه الدول والتنمية الشاملة هي البطالة وضعف الأجور بعد تضاعف عدد سكان كل الدول.
بقلم : علي عيسى الوباري
1 ping