يتبادر إلى ذهن أي فرد حين يقرأ عبارة “الكتاب وتأثيره” التأثير الاعتيادي الغير ملحوظ على أغلب القراء النهمين أو الطبيعيين، والحقيقة أن الكتاب يُبخس حقه غالبا إن ألغينا صفة تأثيره وإن لم تلاحظ، فالأمر يرجع إلى أسلوب القراءة للفرد، وبما أنه يصادفنا الثالث والعشرون من أبريل اليوم العالمي للكتاب، وقد اُختير من منظمة اليونسكو لتحفيز الأشخاص للاهتمام بالكتاب والقراءة وحركة النشر عموما.
هنالك الكثير من الكتب التي لم تأخذ نصيبها من النشر والإشهار والأسباب عديدة يطول عرضها وشرحها، رغم جودة أفكارها وقيمة محتواها وجمالية أسلوبها، ومن ضمنها كتابي الذي عنونته“بخطاب اليدين” وصنفته سيرة ذاتية، ويزخر الكتاب بالعديد من الأفكار والصور الجمالية، ويسحبنا إلى كينونة الأصم ووضعه على الصعيدي الاجتماعي والفكري والعملي، ويضخ لنا الكتاب الكثير من التساؤلات، ماذا تشكل الأسرة للأصم؟ هل التعليم له دور التأسيس الصحيح في القراءة والكتابة فَيُخرج صما متقنين لذلك؟ كيف يتعامل المجتمع والقطاعات العامة مع هذه الحالة؟ هل هناك عناية بلغة الإشارة لتسهيل الخدمات لهم؟
كما يجذبنا الكتاب إلى رغبة الأصم في المعرفة وفضوله اللحوح، لذلك هنالك الكثير ليجربه ويكتشفه ويطلع عليه، عبر المراقبة الدقيقة والقراءة الحثيثة التي أصبحت حاجة مُلحة لمن يرغب بالتعرف على العالم الخارجي، الذي يعج بالفوضى والحراك البشري بخلاف عالمه الذي يرنو إلى حالة السكون والهدوء.
من المُسَّلم أن أي كتاب يحمل بداخله شيئا ما، له قيمة. و من مهام القارئ الحصيف أن يقدر أهمية المحتوى المعرفي بوعي، فكل كتاب يحمل فكر مؤلفه وجهده وتفانيه من أجل أن يخرج للقارئ تحفة تتألق عند عينيه، وفي سياق ذلك يقول هنري ملر” إن الشخص المستيقظ فحسب هو القادر على التمتع بالكتب، وعليه أن ينتزع منه ما هو حيوي“
كما يتابع حديثه حول ذلك“وعلى الرغم من أن القراءة يمكن أن لا تبدو في البداية فعلا إبداعيا، إلا أنها هكذا بالمعنى العميق. فمن دون القارئ المتحمس، والذي هو في الحقيقة نظير الكاتب، وفي الغالب خصمه الأكثر سرية، يموت الكتاب“
وأنني أتفق مع ملر أن القارئ الذكي يُحي الكتاب، ومن زاوية أخرى الكتاب يُحي القارئ ويوصم بعض الصفات إلى شخصيته، فيتمكن بسبب الكتاب أن يكون رديف الكاتب. إذا هل للكتاب تأثير حقيقي على الفرد؟
فاطمة الشيخ محمد الناصر