يمكن أن يستمر البشر في البقاء الطبيعي ويمكنهم تخطي المثيرات الحياتية والمؤثرات الاجتماعية وكذلك مسببات التأخر الاقتصادي بالتفكير المُمنهج والعمل الفعال، فالسعي والبحث عن ما يوفر مقتضى الحاجة والعمل الاجتهادي الذي سيشكل نقلة مصيرية في المعيشة الاقتصادية تحقق النمو المعرفي والترابط الاجتماعي، إن ربط بالوعي الأخلاقي والسلوك الإيماني.
فالانغماس في العمل بشكل معقول بحيث لا يسلب منا أخلاقياتنا وإنسانيتنا، وطلب المادة التي ستبذل من أجل متطلبات العيش، وتحقيق الحاجة المرتبطة بالاستمرارية والبقاء أمر مفروغ منه، لكن أن يكون العمل في تقديم خدمات اجتماعية أو خدمات أخوية وغيرها من الخدمات التي توثق بنيوية المجتمع الواحد تقوم على المادة البحتة، بحيث يعمل لوجه المادة وليس بهدف التقرب من الله عز وجل، فتكون كل روابطه الاجتماعية قائمة على المصلحة الآنية، ويصرف جل مساعيه المعنوية والجسدية والفكرية من أجل أن يصرف له نقدا.
كيف سيكون الترابط المجتمعي، إن كان كل فرد فيه يسعى للمادة لمساعدة الآخر؟ فإن كان تفكير أفراد المجتمع مادي بشكل صرف، فسيكون ذلك التأثير أيضا على بنية العائلة، بحيث يكون تفكير كل أفرادها متحرك وفق عبارة” ادفع لي لأنجز أو لأحقق تلك المصلحة لكم“ ومن أمثلة ذلك كثيرة ونذكر واحد منها،
يبدأ الأبناء الذكور بأخذ مبالغ من أفراد عائلتهم في كل مشواريهم في حال إيصالهم لوجهات مختلفة من سوق أو مدرسة أو رحلة عائلية وغيرة، وكله بتأثير الوالدين الذين زرعوا في أدمغة أبناءهم أن المادة هي كل شيء وهنا يفقد الأبناء رغبتهم في العطاء دون مقابل أو تقديم الخدمات الإنسانية من غير عائد وهذا يقوض الأخلاقيات الإسلامية التي دعا إليها رسول الله.
ورد عن رسول لله:” من مشى في حاجة أخيه المسلم من ليل أو نهار، قضاها أو لم يقضها كان خيرا له من اعتكاف شهرين” فضياع المعروف في الوسط الاجتماعي يُفاقم من روح الأنانية ويلوي ذراع التطوع والتعاون ويفقد ترابطه وصفاءه الإيماني ويسود الجشع الذي سيأكل القيم الأخلاقية، وبهذه البنية اللينة سيسقط المجتمع في براثن الضعف والتفكك.
لذلك نجد من ينظمون أعمالهم بين الكسب المادي والكسب الإيماني، يرتقون من كلا الجانبين ويتميزون عن غيرهم بتحقيق العمل الذي يكمل مجتمعهم ويقويه ويسعون في خدمة الآخر دون مقابل، هنا لتكن دعوتنا وشعارنا اعمل لوجه الله وليس لوجه المادة فقط، حتى تبث في مجتمعك قيمة المعروف وأثره.
فاطمة الشيخ محمد الناصر