ما جاء في القرآن الكريم والاحاديث النبوية والروايات عن اليتيم وكفالته والاهتمام يؤكد استحبابه حتى يفهم من يمعن في معاني النصوص انه يصل إلى درجة الوجوب العيني قال الله تعالى ( فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ )، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم “ أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة إذا اتقى الله عز وجل وأشار بالسبابة والوسطى ” وقال الامام علي عليه السلام ” الله الله في الأيتام فلا تغبوا أفواههم ولا يضيعوا بحضرتكم” .
اليتيم تعتبر حالته بفقد والده المظلة المادية والمعنوية لليتيم ، لا شك أن فقد الابوين له انعكاسات سلبية بالمعيشة و التربية و الرعاية ولأهمية هذه العناصر نجد النصوص في القرآن والاحاديث تركز على رعاية اليتيم و فضلها دينيا بالأجر و الثواب ومكافأتها بالآخرة الجنة . المجتمع افرادا وجماعات اهتموا بالايتام حسب ما يفرض عليهم الواجب الإنساني وامتثالا للحث والتعاليم الدينية،
وحسب امكانيات الأفراد لم يهتم باليتيم الا من الناحية المادية غالبا واهملت الجوانب الاخرى التي اكثر أهمية بالتربية والرعاية السلوكية حتى برزت ثقافة المنظمات الخيرية والمؤسسات الاجتماعية التي برزت في بداية القرن العشرين وتطورت حتى اصبحت مراكز متخصصة لرعاية الايتام تربويا و نفسيا واجتماعيا وتعليميا ومهنيا .
انتقال رعاية الأيتام من الاهتمام الفردي الذي مهما بلغ لن يكون في مستوى العمل المؤسساتي التخصصي الذي يهدف إلى التأهيل الشامل لليتيم فيصبح عنصرا مندمجا ومنسجما مع محيطه الاجتماعي من غير أن يشعر بالنقص امام اقرانه.
العمل المنظم المؤسساتي بمؤهلات تخصصية في مراكز الايتام ودور الرعاية تعمل وفق أسس علمية وتربوية نحو الاصلاح و التأهيل والتدريب والعلاج التربوي والاجتماعي للأيتام حتى اصبح اليتيم في بعض الدول يُحسد على ما يلاقيه من رعاية و اهتمام وتأهيل، كثير من هؤلاء تفوقوا تعليميا و تميزوا مهنيا نتيجة التأهيل المتخصص الشامل.
رعاية الأيتام مؤسساتيا أصبح معتمدا على الدراسات والبحوث والاحصاءات التي تساعد في معرفة متطلبات و احتياجات الأيتام حسب ما ينقصهم وما يعانوه تربويا وسلوكيا وتعليميا.بفضل التنظيم المؤسساتي في رعاية الايتام انتقل اليتيم من مرحلة الاهتمام بسد الحاجة والعمل على ضروريات ما يحتاجه الأيتام إلى مرحلة الترفيه والدلال العاطفي والتربوي.
دور الايتام ومراكز الايتام المتخصصة افرزت مفاهيم جديدة برعاية الأيتام مثل الام والأب البديلين والأسرة البديلة والرعاية الفردية والجماعية، تثقيف المجتمع الحاضن للأيتام لأدماجه بالمجتمع بدون ما يشعرون. بفضل الدراسات التخصصية وارتباطها بالتنظيم المؤسساتي توفر متخصصون في علاج الأيتام تربويا وسلوكيا والتنبؤ بأعراض شخصياتهم ودراسة حالاتهم و ميولهم واتجاهاتهم وما يحملوه من مهارات وصقل مواهبهم.
توسع مفهوم المسئولية الاجتماعية لتشمل جميع المؤسسات والشركات الربحية بحيث حعلت من ضمن أهدافها الاهتمام بهذه الشريحة من المجتمع وذلك بتقديم الأموال وانشاء مراكز الايواء والتأهيل للأيتام. مراكز الأيتام و دور الرعاية بها حاضنات للعمل المتخصص والتطوعي لديها القدرة جذب المتطوعين كل في تخصصه كذلك الجمعيات والمؤسسات الخيرية من أهم أهدافها رعاية الأيتام والاهتمام فهي تولي مشروع الأيتام اهتماما كبيرا من ضمن مشاريعها وتستعين بالمتطوعين المتخصصين في إقامة برامج ترفيهية وتأهيلية اضافة إلى الرعاية المادية والمعنوية لهم.
عدد سكان العالم في تضاعف والكوارث الطبيعية والحروب انتشرت مما أرفع نسبة الفقر بالعالم ، كل هذه الأسباب وغيرها تحتاج إلى مؤسسات اجتماعية وخيرية متخصصة تهتم بشئون البشر ومنهم الأيتام ولليوم العالمي لليتيم جوانب إيجابية عديدة لتسليط الأضواء على احتياجاته وما يعاني منه.
علي عيسى الوباري