عندما يشرق وجه الشمس تبتسم الدنيا على وجنة الطفولة، تداعب اشعتها أهداب عينيه، كانت شفتاه ترتل سفر العشق في أعماق قلبه ، استغرق في المشي إلى حضرة ابي الشهداء ، خطواته تطرق اسماع العاشقين، الحروف توشوش بين مناجاة المشاة ، كان طفلا يتراقص أمامه فرحا، يتأمله، يتذكر ابنه الذي تركه على بعد مئات الأميال ، أخذ مسارا على الرصيف والطفل أراد مساحة فسيحة وسط الطريق يستعرض بحركاته البهلوانية،
يعبر عن البراءة المكنونة بقلبه ، اوتار فؤاده تنبض بالحب وتنشد أنشودة الولاء لسيد الشهداء ، كانوا الناس يمشون في الشارع مشغولين الذهن بما سيشتروه لأبنائهم بعدما قضوا يوما متعبا بالعمل، يبادل نظراته ما بين تامله في الشفق الأحمر، فقد شارفت الشمس على المغيب واشعتها تسطع على خطوات قدميه، يسطع الأمل من بريق مقلتيه يمتد إلى مدى بصره البعيد،
قفزاته ، حركت في أعماق قلبه كل ذكريات الأبوة وفاضت معاني الحنان ، سمع رنين جهازه الإيفون أراد اخراجه من جيبه، التفت إلى الامام، لم ير الطفل ، احتار لم تكن هناك سيارات ولم يكن بالشارع احد ، ارتبك ، تسارعت دقات قلبه، تصبب جبينه عرقا رغم كان الجو شديد البرودة لما اختفى الطفل، تساءل في طرفة عين يتوارى، كان قلبه يصرخ أين الطفل؟، جرى أمتارا مذهولا،
وجد أمامه حفرة عميقة لتصريف المياه الصحي، انزل يده يأمل نفسه ويريح قلبه لعله سقط هنا، فعلا وجده ينازع سكرات الموت ويستغيث في أعماق المياه الراكدة المميتة ، شده بقوة إلى الاعلى ويداه ترجفان من الخوف بالفشل بانقاذه، بعد ثواني نجح في إخراجه،كاد قلبه يطير فرحا، عمل له الاسعافات الاولية، تجمعت الناس احتضنوه، والصراخ يعلو من أفواههم ،
جلس على الرصيف، وصمته تعلنه زقزقة العصافير الراحلة إلى أعشاشها لتستريح من عناء يوم سعيد، التفت إلى امامه وشعاع الشفق الاحمر المنعكس من القبة الذهبية يحاكيه بالابتسامة، ضحك من قلبه وهو يتذكر انه اصر إلى الذهاب إلى كربلاء رغم ان أسرته طلبت منه ان يؤجلها إلى شعبان لمصاحبته.
الواقعة حقيقية كتبت بتصرف.
علي عيسى الوباري