يأتي المدرب منهال الجلواح في كتابه ( همسات المدربين ) من واقع تجريبي محض بعيداً عن ” تأنيق ” النظريات أو محاولة بسطها في غير فضائها المختبر / التدريب ، أو قبل تمريرها على حد الممارسة أو مشرط النقد كفعل تقويم ، إذ يعرض بأسلوب مكثف ورشيق تماماً كما يفعل مبدعو القصة القصيرة جداً حين يكثفون الصورة ليس لتكون أكثر تعقيداً إنما لتكون أعمق وضوحاً .
في همسة صغيرة لا تتجاوز الثمان كلمات جاءت في الصفحة 11 ” حرر عقلك من الخوف واشحنه دائماً بالثقة العالية ” هذه صورة ضوئية حادة الكثافة ليس لتغرق عينيك بشدة أشعتها ، إنما لتحرك صراعكَ الداخلي مع الخوف في لحظة ما إلى “ التحرر “ من قيده بل وأكثر من ذلك تحجيمه إلى أبعد مدى من خلال “ الشحن “ بطاقة الثقة العالية .
هي صورة نقية أيضاً لم تلتقط من نظرية أنيقة ينقصها مختبر التجربة ، إنما تشكلت من سلوك تدريب حقيقي عبر رحلة زمنية ملهمة متنقلاً ” منهال ” خلالها بين قاعات التدريب وحقائبه الثرية والأمسيات والمحاضرات و ” مدرباً ” عدداً كبيراً من الراغبين بأن يكونوا جزءاً من منظومة التغيير / الحياة عبر اكتشاف طاقاتهم المعرفية والسلوكية .
همسة أخرى عند مطلع الصفحة 32 يقول ” لاتنتقص من قيمتك نهائياً سواءً بالقول أو الفعل ” هنا صوت بطبقاته المختلفة يحدثنا عن الامتنان للذات ، صوت قادم من ألبوم متحرك وثري بالانتباه والتشويق يبدأ من ” مثلث التدريب والنقطة الساخنة , وكسارة الجليد ” ويستمر كثقافة صوتية يوماً بعد آخر .
كنتُ قريباً في الفترة الماضية من المدرب منهال مثلما كنتُ قريباً من رفيقيه الأخصائي النفسي المدرب علي التمار و المدرب فيصل السالم ، الثلاثي المؤثر الذي كان يبعث الكثافة والحركة والتدريب وفق مستويات ملهمة في قاعة مأهولة بالمتدربين المبادرين لإضافة “ قيم جمالية ” جديدة لأنفسهم وخبراتهم .
في برنامج “ تدريب المدربين ” الذي نفذه الأستاذ منهال برفقة الرائعين الأستاذ علي والأستاذ فيصل ، غُمر المتدربون بأفكار وتقنيات ومهارات غنية للخروج من رتابة المألوف إلى سعة الاختلاف والتميز عبر امتهان التدريب كنشاط إنساني دائم يستمر باستمرار الحياة بهدف تحقيق الجودة في المورد البشري وتنميته مما يعزز قيمة المخرجات على المستوى المعرفي أولاً والتطبيقي ثانياً قبل أن يكون المجموع النهائي قيمة الذات والعمل في وقت واحد . لعلّ أهم ماتضمنه المحتوى التدريبي للبرنامج أن الخبرات والمهارات يمكن تداولها بشكل انسيابي بين المدرب والمتدرب.
حين لايكون الصندوق مغلقاً ومشاعاً للتفاعل والمشاركة بين المتدرب والمدرب كما حدث في أيام التدريب التي كان فيها رجع الصدى قوياً ومُلهماً بين طرفي المعادلة , وهذا ربما مايثيره الأستاذ منهال في همسة جميلة في الصفحة 25 بقوله ” لاتبخل أبداً بإعطاء أي معلومة ولاتضمرها بداخلك ” ليعزز أهيمة تداول المعلومات والمهارات والأفكار.
علي الخليفة