يعد مشروع الأسر المنتجة خطوة إيجابية للرفع من مستوى الأسرة معيشياً، وتنمية مقدرتها على العمل، والاستفادة من الطاقات المعطلة في الأسرة مما يساعد تلك الشرائح المعوزة على الاعتماد على نفسها، حيث تتحول بدورها من طور الاستهلاك إلى الإنتاج في عملية التنمية الاجتماعية.ولا يأتي ذلك إلا من خلال تشجيع ودعم هذه الأسر ودفعها نحو إبراز مواهبها إضافة إلى تدريب وتأهيل هذه الفئة على بعض المهن والحرف اليدوية الشعبية والحديثة التي يمكن استيعابها بسهولة ويسر .
وعلى طريقة “الحاجة أمّ الاختراع” اتجهت المرأة والأسرة إلى سبل وطرق لسد حاجتها والاكتفاء الذاتي من المعيشة والتغلب على مطالب الحياة المعيشية ، هذا الواقع الصعب بالبحث عن حلول ذاتية لرفع مستواها الاقتصادي، فلجأت إلى حرف تمارسها في المنزل، لسد حاجة أسرتها ولو بالقليل،أولزيادة دخل الأسرة،
فالرواتب لم تعد كافية لتغطية النفقات.حتى نرسخ مفهوم الأسرة المنتجة ونجعله مشروعا ذي جدوى اقتصادية لا بد أن نرفع شعار ” الناس لا بد أن تشتري منتجاتهم لجودتها وليس شفقة عليهم ” فهو ساحة للإبداع والابتكار وصقل المواهب وإبراز الفن اليدوي والمهني لدى سيدات لم تتاح لهن فرصة إظهار إبداعاتهن للجمهور .
بدأت مشاريع الأسرة المنتجة على مستوى استثماري كبير في الوطن فهناك مشروع مشترك مع شركات صينية يقدر رأس ماله 300 مليون ريال في منطقة جيزان الذي يتوقع أن يوفر فرص وظيفية و مهنية تقدر بأكثر من 15 ألف وظيفة أغلبها للأسر ذوي الدخل المحدود مع التركيز على المرأة العاملة وسيتاح للعاملين بالمدينة الصناعية امتلاك حصص في المحلات التي يعملون بها ، هذه خطوة صحيحة نحو الاهتمام بالأسرة المنتجة والمرأة العاملة التي ستعتمد على نفسها .
وأفضل جهة تقوم بدورالمعــــين والمستشار للأســــر المنتـــــجة هي الجمـعيات والمؤسسات الخيرية القريبة من قضايا المجتمع التنموية والاقتصادية ، فهي انتقلت إلى مرحلة التنموية التي تقوم بتوعية المجتمع بالمحاضرات والدورات التدريبية والتأهيلية ، الجمعيات والمؤسسات الخيرية لقربها لهموم البيئة الاجتماعية تستطلع ما يعاني منه المجتمع من بطالة وانخفاض الدخل الأسري من خلال طلبات المساعدات الدائمة
والطارئة .
تعزيز الثقة بالنفس لدى الأسرة وبمقدورها تعتمد على نفسها في الإنتاج والتسويق ويمكن للجمعيات أن تربط المساعدات للأسر وتحويل بعض أنواع المساعدات إلى قروض مسترجعة لتدويرها إلى أسر أخرى ، كذلك توعية أفراد المجتمع بمشاريع الأسر المنتجة ومشاريع متناهية الصغر وتسويق أفكار منتجة وذات جدوى اقتصادية.
ويمكن ذكر بعض أدوار الجمعيات والمؤسسات الخيرية إضافة إلى ما سبق :١- إعانة الأسرة المنتجة بتسويق وتوزيع منتجاتها.٢- توفير بيئة صحية ومناسبة للمنتجات الغذائية وغيرها مثل الملابس وأدوات الزينة والأفراح. ٣- تشجيع الأسر على الحرف والمهن اليدوية الشعبية والحديثة .٤- زرع الثقة لدى ربة البيت والمرأة بأنها قادرة على كسب رزقها من صنع يديها.٥- ذكر تجارب ناجحة لأسر منتجة انتقلت من الحاجة إلى الاكتفاء المعيشي.٦- تخصيص مسابقات واحتفالات للمرأة رائدة الأعمال وللأسرة المنتجة
مما لا شك فيه بأن الرغبة والإرادة والعزيمة تصنع أصعب المهام، فكم من الأسر المحتاجة أصبحت في مصاف الأسر المكتفية ماديا بل الغنية من خلال الإصرار والتخطيط وتحديد الأهداف بدأوا بمشاريع استثمارية بمنتج صغير بالمنزل تحولت إلى منتجات تزين أفخر محلات التسوق العالمية.
إن مشروع الأسرة المنتجة في دول كثيرة يشغل مساحة كبيرة في التنمية الاقتصادية الوطنية وهو موقع الإبداع والابتكار الذي من خلاله تبرز المواهب وفن الحرف والمهن.
تبرز فيه أبداع الأنامـــل و تفتق فيه الحيـــلة ومجالا خصبا لشحذ الهمم والعصف الذهــني بالأفكـــارةوالرؤى التي تسمو بصاحبــــها نحو أفق أوسـع وأرحب في التــــنمية الاقتصادية والاجتماعية.
الأمل في بعض رجال الأعمال والمؤسسات الوطنية أن تتبنى أسر منتجة و أن تدعم منتجاتها وخدماتها ماديا وتسويقيا وتتبنى معارض الأسر المنتجة في كل مكان حتى تقف على أقدامها.
وأن تقدم لها التسهيلات من خلال الجمعيات والمؤسسات الخيرية وأن تقدم الجوائز السنوية لأفضل أسرة منتجة وأفضل منتج ، لأن هذا العمل الخيري هو العمل الملموس الذي يرفع مستوى المعيشة و يبرز مواهب وإبداعات الأسر .
علي بن عيسى الوباري