رغم أن شبكات التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، إلا أننا يمكن أن نطبق معادلة: قل لي ماذا تفعل أقول لك من أنت. نقول: (قل لي في أي شبكة تواصل تنشط أقول لك من أنت) .
أكثرنا كان عنده في يوم ما حسابات في جميع شبكات التواصل، وجرّب أن يكون نشيطاً أو على الأقل متابعاً لجميع الشبكات، يتنقّل بين تويتر وفيسبوك وانستغرام وسناب…
إلا أنه في النهاية حطّ رحاله في شبكة واحدة، ركّز نشاطه بها دون أن يسأل نفسه لماذا هذه الشبكة بالذات، ولكنه في الواقع اختار الشبكة التي تناسب شخصيته يتواصل من خلالها مع أصدقائه، أو يكتسب صداقات جديدة، ونقول أصدقاءه لأنهم يشتركون في صفات واحدة ووجهات نظر متقاربة جعلتهم يختارون هذه الشبكة دون غيرها. وربما أبقى له حساباً في شبكة أخرى فقط للمتابعة أو للحاجة لأمر ما.
مع مرور السنوات ومع طبيعة الاستخدام ونوعية المترددين أصبحت لكل شبكة شخصيتها وإيقاعها وثقافتها وأسهم في صنع تلك الشخصية المسجلون أنفسهم في هذه الشبكة أو تلك.
يمتاز الناشطون في تويتر بالإيقاع السريع وبشخصية المحب للإطلاع على أخبار وتعليقات وتغريدات أكثر وبالمختصر المفيد، فليس لديه القدرة على التعبير المفصّل ولا الوقت للقراءة المطولة ولا يميل للتمعن في الصور وتتسم شخصيته بحسّ النقد والتعرف على أسرار الآخرين، ويكون عادة متفاعلاً مع ما يجري على الساحة الاجتماعية والسياسية ومهتماً بملاحقة آخر الأخبار.
بينما في الفيسبوك فأكثر من ينشط فيه المثقفون والشعراء والفنانون والكتّاب الذين لديهم قدرة أو رغبة في التعبير عن مشاعرهم ويستمتعون بمشاهدة الصور بحجم أكبر وتزعجهم الموسيقى الصاخبة، ولديهم ودّ ومحبة تجاه الآخر ويتقبلون آراء الآخرين بسعة صدر، وهم غير عنيفين في سلوكهم، وينظرون للحياة نظرة شاعرية ويعيشون بهدوء مثل قارب يتهادى على صفحة الماء.
ويجذب سناب شات فئة الشباب من محبي الترفيه والسفر والمغامرات وهواية تجربة تذوّق الأطعمة الجديدة، ولديهم حب عميق لأنفسهم ويميلون عادة إلى الفرفشة والمرح، وغير معقّدين في تعاملهم، ويتقبّلون الآخر كما هو.
أما انستغرام فينشط فيه المنتجون الذين يرغبون في الترويج لمنتجاتهم وسلعاتهم، مثل الأطعمة والهدايا والملابس وحتى السلعة الفنية من تصوير وتحف، ومتابعو الانستغرام عادة يميلون إلى العزلة والحديث بصوت منخفض، وليس لديهم القدرة على التعامل مع جميع الفئات، يحبون أن يقضوا وقتهم في هدوء ويقومون بواجباتهم في الحياة من دون عجلة.
أما من ينشط في جميع هذه الشبكات فلديه عادة إعجاب كبير بنفسه ويحب أن يستعرض إمكانياته أو أخباره وقدراته أمام الآخرين ويرغب في عرض بضاعته بحثاً عن زيادة المتابعين والمعجبين وتكوين الصداقات أو البحث عن زبائن وقراء أكثر.
أما الواتساب فلا يمكن أن نحدد شخصية مستخدميه لأنه أصبح ضرورة اتصال لا غنى عنه، حلّ محل المكالمات الهاتفية، واستخدمه البعض لتكوين القروبات رغبة في التواصل اليومي مع الإخوان والأقارب والأصدقاء وهو وسيلة اتصال سريع، وساهم الواتساب من خلال القروبات في تكوين صداقات متعددة،
والتعبير الجريء عن الأفكار، وكذلك أسهم بشكل واضح في الكشف عن جوهر الشخصيات بوضوح تام دون تزييف أو قناع أو مكياج، ونتج عن ذلك بعض الفتور والبرود في العلاقات الاجتماعية.
جعفر عمران
كاتب مهتم بثقافة الصورة.