لستُ ممن له طاقة على الحديث عن واحة الأحساء، لذا سأختصر المسافة بكلمات قصيرة تجمع المعنى السامي والمتجذر في تلك الواحة العريقة، فالأحساء باختصار:
تاريخ عريق – حضارة ونضارة – طيب وكرم..
بعد ما أجملت عن ماهية الأحساء سؤطيب الحديث عن اثنين من أبنائها البررة واللذان كان لهما الدور البارز في زفاف المعاريس بأهازيج شعبية جميلة تسمى جلوات ..
شباب الأحساء يجهلون هذين الرَّجلين لأنهم لم يواكبوا جيلهما ولم يستمتعوا بجمل صدحهما والذي سُمع صداه في أغلب مدن وقرى الأحساء حينما تزدان فرحاً بليالي العمر الجميلة الحاوية للبساطة والتضامن الذي افتقدنا أثره في هذه الأيام..
إنهما الثنائي الرائع حسن الغدير وعاشور العاشور النجار صاحبي الصوت المميز والجاذب للبعيد والقريب..
لقد تميزا رحمهما الله بمزج صوتيهما وإظهاره على أنه صوت واحد جهورياً جميلاً بتلك الأطوار الجذابة التي مكنتهما من أن يشتهرا ويكونا رواد المنشدين في ليالي العمر الجميلة..
كانا رحمهما الله يزفان في الليلة الواحدة 2 – 3 معاريس لا يجمعهم مكان واحد كما هذه الأيام التي يجتمع فيها مئات المعاريس في حفل واحد يسمى حفل الزواج الجماعي، لذا كانا يجدان مشقة في التنقل لزفاف المعاريس الثلاثة كل على حدة..
وذلك لبعد المسافة بين العريس الأول والعريس الثاني والعريس الثالث فقد يكون الأول في الهفوف والثاني في المبرز والثالث في إحدى القرى البعيدة، ويتم زفاف الثلاثة على التوالي..
بقيا هما المطلب الأول في الأعراس إلى أن أراد القدر أن يوقفهما عن تلك الخدمة المباركة وذلك بوفاة عاشور النجار في الثالث من شهر ربيع الأول سنة 1410هـ وامتناع حسن الغدير عن مواصلة المشوار حزناً على فقد رفيق دربه ووفاءاً له، ليبقى بعده بعيداً عن تلك الأجواء الجميلة إلى أن وافاه الأجل بعد أربع سنوات من وفاة صاحبه عاشور النجار..