نسمع كثيراً في الخطاب الديني الاسلامي أن الإسلام لم يترك شيئاً في الحياة، إلا تطرق له. وهذا لا يُختلف فيه، لكن عادة الحديث يتم كفهم عام، ومناقشة فكرية للإشكاليات الحياتية. القائمون على الدين الاسلامي بدأوا بالتفكير، والتنظير والفهم لهذه الافكار والاحكام، خصوصاً بالأمور العلمية المتعددة، لهذا كثير من الذين يناقشون بمواضيع دينية وفكرية ومنهم العلمانيون وضعوا تساؤلات واستفهامات وأرادوا الإجابة عليها بأصول علمية متنوعة.
كالطبية والاقتصادية والاجتماعية،مستهدفين مناقشة موضوعية لهذه الافكار بقواعد علمية وتحويلها إلى علم مطبق مثل علم الاقتصاد الذي نوقش من الأغلب كفكر وفلسفة ولم يحوّل إلى معادلات رياضية وإحصائية ونظريات تطبق على الواقع يمكن بها معالجة المشاكل التنموية. [أي ان بعض الافكار ينبغي ان تتحول إلى علم له أدلته وضوابطه العلمية بحيث يكون مقبولا لدى الكل بدليل بيّن ويصلح للزمان والمكان، حتى لو نقض يتم نقضه ببرهان يحكم بصحته المختصون]، كثير من الافكار بقيت كفكرة صاحبها التي خرجت منه نتيجة فهمه المحكوم بعناصر ذاتية وبيئية مثل التربية الدينية والتعليمية والاخلاقية التي تؤثر في مخرجها «المفكر».
رغم أهمية الفكر والتنظير لكن ينبغي تحويل هذه الأفكار إلى علم قائم بذاته له أنظمته وقوانينه يستفيد منه الفرد والمجتمع والدولة.
الأغلب ممن انتقدوا الفكر الاسلامي وخصوصاً من درس، واطلع واهتم بالعلوم الحديثة وجدوا ذلك الفكر أنه نتاج صاحبه فقط كخلاصة ثقافته ومنهجه الفكري، يمكن نقضه من مفكر آخر أ. يمكن يتغير نتيجة تجدد الفكر والتفكير بشؤون الحياة أو بروز آراء جديدة،
أي أن الحوار ما زال في طور التنظير ولم يصاغ كعلم بتجارب وبراهين.المثقفون بعصر العلم والبرهان يبحثون عن صياغة علمية للأمور الحياتية المبتلون بها التي أنتجها الآخر بمنهج علمي انتفع منها الناس كمنتج نهائي، هذا بفضل مراكز البحوث والدراسات والتطوير التي لا تتوقف عن البحث في المستجدات لتضفي الراحة والسعادة للفرد وتحلحل مشاكل الحياة.
من خلال بحثي لمحاضرة التطوع وحساب نسبة التطوع في المجتمع ومقارنة النسبة بنظرية 80/20 للعالم الاقتصادي الايطالي “باريتو” التي مفادها: [أنه يمكن اختيار عدد محدود من المهام التي لها تأثير كبير على النتائج الكلية.، أي ان 20% من الأسباب تؤدي إلى 80% من النتائج الإيجابية، أيضا لو أن 20% من المجتمع تطوع لنتج عنه فوائد تنموية بنسبة 80%].
تعتمد نظرية باريتو على أن 80٪ من القضايا الاقتصادية والاجتماعية ممكن حلها بمعالجة 20٪ من العوامل، و20٪ من الأسباب السلبية تؤدي الى 80٪ من النتائج المضرة، نظرية 80/20 معادلة إحصائية اقتصادية ومن الادوات السبعة الأساسية لمعالجة المشاكل الاقتصادية وأسلوب علمي لصنع القرارات.
كثير من الشركات تستخدم هذه النظرية في معالجة خلل الإنتاجية والربحية بالتركيز على حل 20٪ من العوامل المؤدية إلى الخلل،
بدل تضييع الوقت في حل 80٪ من الأسباب ويمكن تطبيق هذه المعادلة الاحصائية في علاج قضايا كثيرة مثل الشؤون التنموية والثقافية والفكرية. هذه القاعدة تنطبق على الأسرة والبيت والاستهلاك والمعيشة، نجد ان 20٪ من أثاث البيت يستخدم من أصحابه والباقي إكسسوار وديكورات زائدة عن اللازم حتى في تصميم البيت وبنائه والمواد المستخدمة يمكن الاستغناء عنها بنسبة 20٪ ينتج عنها 80% فائدة ومكسب.
كذلك 80% من الإنتاجية يقوم بها 20% من الموظفين، كما وجدوا في الولايات المتحدة الامريكية بالرعاية الصحية ان 20% من المرضى يعتمدون على80% من موارد الرعاية الصحية.
حتى بالنسبة للأبناء لوأن أب لديه 10 ابناء، غالبا يعتمد على ولدين فقط والبقية 80٪ «ثمانية ابناء» يستفيدون من الولدين20% «ولدين». وهكذا ينطبق على منتجات الشركات والمصانع التي تعتمد على20٪ من المنتجات والخدمات فتحقق 80% من المبيعات، كذلك ينطبق على منتجات المزارع.
والجدير بالذكر، أن الخمس 20٪ كما هو معروف فريضة اسلامية معمول بها لدى المسلمين الشيعة، قال الله سبحانه: *”واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ان كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان، والله على كل شئ قدير”*[سورة الأنفال /41]. هذا يعني ان نسبة 20٪ قاعدة تنموية ذهبية، والخمس يصرف في وجوه الخير والبر ومنها المساعدات للفقراء والمحتاجين والتنمية.
نسبة 20% الخمس ممكن أن تعالج قضايا تنموية عديدة في عصرنا الحالي لو أخرجها المكلف! وهنا أود طرح تساؤل للمناقشة -قد – يكون خاطئاً، *هل العالم باريتو اعتمد على قاعدة الخمس؟*
*أو لاحظها من خلال المشاهدة والتجربة كما قال أن نسبة الملاك 20% من المجتمع هم من يستحوذون على 80% من الثروة ؟!*
نقول، حتى لو أنها غير معتمدة على الخمس، إلا أننا نرى أهمية الخمس والحكمة الالهية في فرض هذه النسبة بالتحديد لما لها من علاج الكثير من المشاكل والقضايا التنموية بالمجتمعات، رغم ان 20% تختلف كنسبة، خُمس من خمسة أخماس،
والمقصود هنا هي النسبة المئوية «20%» ذاتها وتأثيرها اقتصاديا. نسبة الخمس «20٪» يدفعها المكلف الموالي كحق شرعي، لكن الأغلب لم تتضح لهم تأثيرها الاقتصادي والتنموي.
سواء من خلال دراسة علمية متخصصة تدرس في الاكاديميات وبمفهوم عصري تحاكي لغة العصر الاقتصادية ومدى مساهمته في حل قضايا التنمية المستدامة، بحيث يتم تطبيقه ليصبح ملموسا عند عامله. أو غيرها. هو مجرد تساؤل ينبغي من المتخصصين مناقشته بشكل اقتصادي وعلمي.