بعد عودته من الإجازة تفاجأ أحمد برئيسه يقول له الآن باستطاعتنا الإستغناء عنك وتعيين الشخص الذي دربته وأناب عنك أثناء غيابك. ولكن أحمد كان سريع البديهة في الرد عليه وهو يبتسم قائلاً ذلك جميل ويسعدني… فاستغرب رئيسه من ردة فعله حيث أنه كان يتوقع بأنه سيتأثر، وسأله كيف؟ فقال له ذلك يسعدني لسببين…
السبب الأول هو أن ذلك يجعلني أشعر بالسعادة لأنني تمكنت من تدريب وتطوير شخص يمكنه أن يكون قائداً وهذا من سمات القائد الجيد أن يصنع قادة تعتمد عليهم منظومة العمل لكي لايُعتمد على شخص واحد. والسبب الثاني هو أن ذلك يعني أتاحة الفرصة لترقيتي لمنصب أعلى.
لقد كان رئيسه يمازحه عندما قال له ذلك ولكنه أعجب بإجابته. أحمد هو أحد الشباب السعوديين الواعدين الذين أثبتوا جدارتهم وتميزهم في مجال القيادة في المنظومة الخاصة التي كان يعمل فيها بالرغم من قلة سنوات خبرته. السبب الأول الذي تطرق إليه مهم جدا بأن القائد الفذ هو من يبذل قصارى جهده في ميدان التدريب والتطوير ليصنع قادة يعتمد عليهم في منظومة العمل لكي لاتعتمد على أفراد قلائل لإدارة شؤونها.
القائد الذي يخاف على منصبه يحرص دائما على حماية وظيفته ولايسهم في تطوير وتدريب أشخاص آخرين لكي لايخسر منصبه. وإن كان له دور في تطوير الآخرين فإنه يحرص على تقديم المعلومات بالقطارة لكي لايشعر بإمكانية استبداله والإستغناء عنه عاملا بسياسة أكل السمك لاتعليم الإصطياد. كما أنه يحاول أن يؤجل الإجازة السنوية قدر المستطاع أو أن لايخرج لفترة طويلة خشية من العودة وفقدان المنصب. ولتفادي هذا الأمر ولضمان العودة بسلام يحاول بعض القادة من اختيار وإنابة أشخاص أقل كفاءة لكي لايزاحمهمونهم على مناصبهم.
بينما القائد الذي يثق بنفسه وقدراته يحرص على تدريب غيره ليكون في منصبه ليتحرر هو ويحصل على الترقية لمنصب أعلى متى ماسنحت له الفرصة. والبعض قد تكون لديه نظرة أخرى مغايرة من واقع تجربته بأن المثالية لاوجود لها في المنظومة أو البيئة التي يعمل فيها والحل هو حماية منصبه والتشبث به بكل ماأوتي من قوة باليدين والرجلين حتى لاينقلب الوضع عليه ويقوم باتباع من كان يتبعه.