
انطلاقاً من المسئولية الاجتماعية التي حث عليها الإسلام وأن المجتمع هو شراكة بين أفراده يجب أن يساهم الجميع في بنائه والمحافظة عليه فلقد اعتبر الإسلام البذل والعطاء أحد أهم مظاهر التكافل الاجتماعي الرئيسة
وعندما نتحدث عن العطاء فنحن لانخص الجانب المادي منه وإن كان هذا الجانب يعتبر على رأس القائمة – وإنما أردنا العطاء وهو الوقوف بجانب الآخرين وتحسس حاجاتهم المختلفة ومد يد العون والمساعدة وتقديم جميع صور الرعاية لهم سواء على المستوى النفسي أوالاجتماعي أوالاقتصادي بهدف خلق مجتمع سوي متضامن خال من العاهات والتشوهات التي يخلقها تخلي الأفراد عن مسئولياتهم اتجاه مجتمعهم وتغليب مصلحة الذات والأنا على المصلحة العامة
ولكي يستمر العطاء ولاتتوقف عجلته اعتمد الاسلام عدة ركائز مهمة ومحورية تعتبر بمثابة الدينمو المسئول عن ديمومة العطاء وضماناً لاستمراره ومن أهم تلك الركائز والتي نستوحيها من تراث أهل البيت ( ع ) مايلي :
١/ أن تكون دوافع العطاء ذاتية وليست نفعية ، بأن يتحول العطاء إلى مبدأ دون انتظار الجزاء والمقابل من أحد ( إنما نطعمكم لوجه الله لانريد منكم جزاء ولاشكوراً ) وهذا المبدأ سوف يضمن دناميكية العطاء على طول الخط .
٢/ أن لايستخدم العطاء ورقة شخصية رابحة تستخدم في وقت الحاجة إليها أو وسيلة لابتزاز المحتاج ، بأن ألوح بهذه الورقة وأشهرها في وجه من أسديت له خدمة سابقة لمجرد أي خلاف شخصي بيني وبينه { الذين ينفقون أموالهم سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ( ٢٦٢ ) } [سورة البقرة]
٣/ أن المحتاج لعطائنا هو صاحب الفضل علينا ولافضل لنا عليه فيكفي أنه كان سبباً لنوالنا الأجر والثواب ، فلقد ورد عن الإمام السجاد ع : ( أنه إذا جاءه الفقير قال له : مرحباً بمن جاء يحمل زادي إلى الآخرة ) فالعطاء بهذه النفسية سوف يكون له دور في تجذير حالة البذل واستمرارها .
٤/ أن كل ماعندنا هوملك لله وهو المالك الحقيقي وهو استخلفنا عليه وملكيتنا له بالمعنى المجازي فإنما نعطي مما جعلنا مستخلفين فيه ( انفققوا مما جعلكم مستخلفين فيه ) والدليل على
ذلك أن هناك من يسعى ويجتهد أكثر مني ويعيش معدماً وأنا أملك أكثر منه أضعافاً ، فمقسم الأرزاق هو الله سبحانه والسعي إنما هو أحد أسباب الرزق ، فإذا استشعرت هذا المعنى فإن موانع العطاء والبذل سوف تزول بزوال مسبباتها .