بقلم : سيد زكريا الحاجي
المنهج الاقتطاعي الذي يُحرّف الحقيقة، يُمارس باسلوبين:
الأوّل: اقتطاع من النّص، بما يُخل بظهور معناه ومراد الكاتب أو المتكلم.
الثاني: اقتطاع من الفكر العام للشخصيّة، بإجتزاء فكرة واحدة وإبرازها، وتسليط الضوء على مختلف مواردها، وهو ما يعني تغييب الجوانب الفكريّة الاُخرى التي تكمّل ملامح الشخصيّة، ومن ثم تُرسَم ناقصة، بل قد تخرج عن واقعها.
والاقتطاع بالاسلوب الأوّل يُحقق غاية التقوّل، لمن يؤمن به – سواء من ناحية شرعيّة أو تكتيكيّة -وأما الاسلوب الثاني يُحقق صناعة الرّموز والشخصيّات الوهميّة، وعادة يُمارسها من يشعر بالعجز والقصور الذّاتي، فيلجأ إلى صناعة شخصيّات يتكئ عليها ويتقوّى بها، أضرب مثالاً بالسّيد الشهيد الصدر [قدس]
لأنّي أعتقد أنّه من الشخصيّات المختطفة، التي مورس في حقها الاسلوب الثاني كثيراً، فهناك من لم يعرض شخصيّة السّيد الشهيد كما هو قدّمها [قدس]، بل كما يُريد المُستعرِض أن يقرأها -، فمثلاً: يتبنى أحدهم فكرة أو مشروعاً ما، فيقتطع جانباً من سيرة السّيد الشهيد ويسلّط الضوء على تصريح لا يتجاوز حدود حادثة معيّنة، ليسقطه على مشروع يتبناه المُستعرِض، فيوظّف ذلك التصريح على أنّه يُحاكي مشروعه، بتحليلات متكلّفة وإعلام مكثّف.
المنهج الاقتطاعي بالاسلوب الثاني يُمارسه اليوم الكثيرون من أصحاب المشاريع الفكريّة المشبوهة؛ لأن الاقتطاع فيه ليس بدرجة وضوح الاسلوب الأوّل، ويُستغفل به القارئ العامّي الذي لا يُحيط بملابسات القضايا أو الجوانب الاخرى المتعدّدة في الشخصيّات، فينبغي أن نتحلى بوعي أكبر، لا سيما عندما تُستغل قضايا المرجعيّات والرّموز الدينيّة، وتُقتطع من سياقاتها لِتوَظّف في تحقيق غايات اخرى.