
شاء الله للحسين عليه السلام أن يكون مأوى الأفئدة ونبراس العقول، وأراد له أن يكون ملكاً وإن نائم تحت الثرى، يأمر فيؤتمر ويدعو فُيجاب..
ها هي ذي الملايين من المؤمنين تشهد بأن الحسين عليه السلام ليس غريباً ولا وحيداً كما يُقال، بل هو السلطان الذي يُلبى أمره بلا كلام، وتسعى الأنفس إليه بلا إغراء..
يعيش الكثير من المؤمنين ليزور الحسين في الأربعين وإن أحاط به الفقر..
يقتر الكثير من الموالين على أنفسهم لكي يجمعوا من المال ما يُعينهم على الزحف إلى ضريحه الطاهر مشياً على الأقدام لينالوا ما هو أعظم من الدنيا وأزكى من المال..
اليوم تزحف الملايين في الأربعين كالأمواج المتلاطمة نحو ذلك الضريح المقدس، لتُبدي للعالم بأسره، أن السلطنة لا تكون بالقهر والجبروت ولا بالفتك ونشر الفساد ولا بالمال والجاه، بل السلطنة بطلب الإصلاح والدعوة إلى الحق، ومجابهة الباطل وإن تطلب الأمر أن تكون النفس هي الثمن لنشر العدل، ومحو الضلال..
تمشي الملايين اليوم لمرقد ذلك العزيز الذي أبى أن يعيش حياة الخنوع في ظل دولة أبت إلا أن تُطفئ نور الله لتعيد الأمة لظلمة الجهل كما كانت قبل بزوغ نجم الإسلام، فآثرأن يموت حرَّاً ليُسجل بدمائه الزكية ملحمة عظيمة يخشاها حكام الضلال على مرِّ السنون وتعاقب الأزمان..
رحل الحسين عن هذه الحياة شهيداً مظلوما وحيداً غريباً، لا ليموت وينسى ذكره بل ليعيش حياً في قلوب الأحرار، وما نراه اليوم في كربلاء الحق، لشاهد حق على تربُّع هذا الإمام العظيم في قلوب الأحرار، ليبقى خالداً فيها ما بقيت تتنفس الهواء..
هنيئاً لزوار الحسين في يوم الأربعين وبلَّغنا الله الزحف إلى ضريحه في قادم الأعوام، لنسعد برؤية شمس الحق في كربلاء وننعم بدخول الجنة بدخولنا لذلك المرقد المبارك..