
ما إن نخرج سويا في أحد الأماكن العامه إلا وأخذت عيناه تلتفت يمنة ويسرة ، يشعر من معه بتوتر ملحوظ ولا يهدأ حتى يشاهد كتابا ما ! وعند جلوسنا مع الأصدقاء يكاد لايخلو حديثه عن ذكر آخر ماقرأ من روايات أو كتاب جديد ويبهر الجميع بثقافته المنقطعة النظير.تغمره سعادة لاتوصف عندما استشيره في اقتناء كتاب معين عند تحضيري لأي دورة أقدمها ويصر علي في عرض خدمات تلخيص الكتاب لي بحجة ضيق الوقت – أراقبه عن كثب حين نتواجد في (محبوبتي) مكتبة جرير لأراه كالعطشان التائه في صحراء ووجد أمامه بحيرة من ذلك الماء العذب وبعض من أشجار الفاكهة المتدلية أمامه.
نعم يتنقل بعجلة غريبة بين الأقسام حاملا في كلتا يديه مجموعة منوعة من الكتب ولسان حاله يقول (هل من مزيد!!) وعند زيارتي لمكتبته الضخمة ومشاهدتي لتلك الكتب المتناثرة على الأرضية وسطح مكتبه سألته : هل انتهيت من قراءة كل هذه الكتب ؟
سألته لعلمي المسبق بأنه لايمتلك ذلك الوقت بسبب ساعات عمله الطويلة وأن كمية ماشاهدته يفوق طاقته – أجابني بابتسامة لم أرى شبيها لها : المتعة قادمة في الطريق ياصاحبي !! ألا تعلم بأن شعوري لمجرد مشاهدة هذا المنظر الخلاب يفوق أي شعور آخر ، ويزداد ذلك الشعور عمقا كلما أضفت كتابا جديدا.
الملفت للنظر بأن ثلث راتبه (تقريبا) يذهب لاقتناء كتب جديدة في مجالات مختلفة- جميع الأعراض التي أشاهدها أمامي تذكرني بمصطلح ( البيبليوفيليا) مع قليل من الإختلاف والبعض من ( البهارات) .ولولا معرفتي العميقة بصاحبي لخفت عليه من تكرار قصة الأمريكي ستيفن بلومبيرغ، المهووس بالكتب لدرجة أنه ارتكب أكبر سرقة للكتب في تاريخ الولايات المتحدة؛ فقد بلغ مجموع سرقاته للكتب أكثر من 23000 كتاب نادر وقيّم حتى عام 1990، والتي كان قد سرقها من 28 جامعة في 45 ولاية في أمريكا، وقدّرت قيمة الكتب المسروقة في حينه بـ 5.3 ملايين دولار.ورغم عدم شعوري بالرضا التام عن حالته ولكي لا أشعر بأني حقا لا أقرأ خاطبت نفسي قائلا: ( ماأروع الوسطية والإعتدال)(إنه باختصار هوس القراءة)
شكرا ياصديقي .
*مدرب تنمية بشرية
1 ping