قد يختلف مستوى حجم الكوارث بعد كُلِّ حادثة في أي مكان في العالم ولكنها تتحد في مستوى الأثار والأضرار التي تُخلّفها تلك الحوادث. ليست الأضرار المادية محل أهتمام كبير وان كانت تُعتبر خسارة ولكنها سُرعان ما تُعالج وتُعوضّ بالجديد وترجع الحياة طبيعية كما كانت. ولكن أين هي من مستوى الأثر النفسي بعد كُلِّ حادثة أو فاجعة. الضرر النفسي لا يمكن تخيله فهو حالة لا يمكن أن تُصف فهي حالة شعورية مُبعثرة تجمع بين الصدمة والفزع وأضطراب في المشاعر.
وليس الأثر الجسدي بأقل من ذلك، فهو الأخر عظيم. ولكن من الممكن علاجه وسرعان ما تلتأم الجراح وتستقر الحالة. ولكن ما تُخلفه الكوارث من أثر و تعب نفسي بعد ذلك هي المصيبة الكبرى وقد يصعب أرجاع الأستقرار والأطمئنان إلى النفس كما كانت. علاج الأثار النفسية صعبة و مُجهده وقد تصل إلى مرحلة اللا علاج. !!
قد مضى حوالي أسبوع على فاجعة حريق محطة أرامكو في منطقة الوسيع شرق مدينة الرياض والتي خلفت ورائها ضحايا و مصابين وخسائر مادية. لك أن نتخيل حجم الأثر والتعب النفسي على ذوي وزملاء الضحايا والمصابين ولكل من كان في موقع الحادثة والذين أنجاهم الله منها. فلا تعجب إذا نظرت إلى وجوه الناجين منهم أو ممن شارك في أطفاءها – وقد رأينا بعض منهم _ أن ترى مصائب الدنيا أرتسمت على وجه. فشدة الهول والمصيبة والتعب النفسي قد غيرت الكثير من ملامح هولاء الشباب إلى درجة أنك تشك في ما تراه عيناك، حيث أنك تعرفهم تمام المعرفه.
السعي والبحث عن أسباب هذه الكارثة وتفاصيلها لن تُعيد أي شيء، فقط لأخذ الأحتياطات ومنع الخسائر مستقبلاً، وقضاء الله وقدره فوق كل شيئ.
الأضرار النفسية التي تُخلفها مثل هذه الكوارث ليست ببعيدة عن الأضرار والأثار النفسية التي تخلفها الحروب والكوارث والجرائم على مستوى العالم. فقد تنتقل هذه الأثار والأضرار النفسية عبر الأجيال وليس بالسهل نسيانها.
ندعو الله أن يدفع السوء والبلاء عن الجميع وأن يحفظ لنا أوطاننا وأن يتقبل ضحايا حادثة الوسيع بقبول حسن وأن يُعجّل في شفاء جميع الجرحى و المصابين أنه سميع الدعاء.