الأمر العظيم يحتاج إلى إعلان مدوي يبقى صداه مسموعا جيلا بعد جيل، ولا يتأتى ذلك إلا بوجود حشد من الناس في يوم مشهود، وهذا ما قام به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأمر الله في يوم الغدير، حيث أوقف المسير وأمر الحجاج المتقدمين بالرجوع والمتأخرين بالإلتحاق، ليعلن في ذلك الجمغ الغفير أن عليا ولي الله وأمير المؤمنين..
الحسين سار على خطى جده المصطفى صلى الله عليه وآله في إعلان حركته المباركة الحافظة للرسالة المحمدية من الضياع وذلك لما رأى ان ظلام الجاهلية غطى البصائر على أيدي البغاة الظالمين..
إختار عليه السلام لإعلان حركته المباركة اليوم المشهود والجمع العظيم حيث اجتماع الناس في بيت الله للحج محرمين وله تعالى ملبين..
حل عليه السلام من إحرامه واعتمر منفردا ثم خطب تلك الخطبة المدوية والتي بقي صداها يقرع آذان الناس جيلا بعد جيل..
قال عليه السلام (خط الموت على ولد آدم مخط القلادة على جيد الفتاة وما أولهني إلى أسلافي اشتياق يعقوب إلى يوسف، وخير لي مصرع انا لاقيه، كأني بأوصالي تقطعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلا، فيملأن مني أكراشا جوفا وأحوية سغبا، لا محيص عن يوم خط بالقلم، رضا الله رضانا أهل البيت نصبر على بلائه ويوفينا أجور الصابرين، لن تشذ عن رسول الله لحمته ، وهي مجموعة له في حظيرة القدس، تقر بهم عينه وينجز بهم وعده، من كان باذلا فينا مهجته، وموطنا على لقاء الله نفسه، فليرحل معنا فاني راحل مصبحا إن شاء الله)..
بين عليه السلام في خطبته ما سيحل عليه وما سيئول إليه مصيره على أيدي البغاة الظالمين المتحكمين في رقاب الأمة ولأفراها مستعبدين، معلنا بأن حركته واستشهاده فيها بامر من الله ليعز بموته الأمة وييحيي بدمائه الدين ..
نعم: بهذه الخطبة ألقى عليه السلام الحجة وأعلن النهضة وأبان ان رحلته لا لدنيا يصيبها بل للخود في حياة العزة والفتح المبين، لتخط كلماته على ثغر الزمن ينطق بها في كل آن مجلجلا بها عروش الطغاة ومرشدا بها الأحرار، أن طريق الحسين هو طريق الخلاص..
عظم الله أجورنا وأجوركم في استشهاد أبي الضيم وحافظ الرسالة المحمدية والمعبد لطريق الحرية ابي عبدالله الحسين عليه السلام..