الأخوة: قوة – سند – أمان – وفاء – إيثار – تضحية – فداء.لقد حوت نفس أبي الفضل العباس عليه السلام الذي تربى على إنكار الذات كل هذه الصفات، لتبدو بجلاء في عرصة كربلا، حينما زحفت جحافل العدو وحاصرت نهر الفرات، ومنعت الحسين وأهله من ورود الماء، انحنى بين يدي أخيه الحسين عليهما السلام، طالبا الأذن بجلب الماء للأطفال والنساء، ولما كشف عليه السلام جيش العدو عن ماء الفرات وورده ببطولة وشجاعة لا نظير لها، أبت نفسه أن ترتوي وأخاه الحسين ظمآن، إيثارا منه ووفاءا لأخيه سيد الشهداء، ولما ملأ القربى كان همه إيصال الماء للخيام، ليرتوي الحسين وأهله، ولما اراد القدر أن يحول بينه وبين الوصول للخيام، قطعت منه اليمين وألحقت بها الشمال، حينها ضم القربى لصدره حفاظا عليها، ولما اهرق ماؤها بسهم البغي، وقف حائرا، كيف يغدو للخيام بقربة لا ماء فيها وما هو العذر الذي سيقدمه لسيد الشهداء، ولما فلقت هامته غدرا ،أتاه أخاه الحسين عليه السلام فأبدى له المواساة بوضع رأسع على التراب، حتى فاضت روحه المقدسة..
لما استشهد العباس قال الحسين عليهما السلام الذي لا ينطق عن هوى، بحسرة الآن فل جيشي وقلت حيلتي وكسر ظهري، ليثبت للاجيال أن أخاه العباس يمثل جيشا لوحده لما يحمل من نفس عظيمة ترعب العدوا وتكشف عورته.
لقد سجل العباس عليه السلام في صفحات الزمن ملحمة عظيمة أعطى بها دروسا للأجيال، أن الأخوة إيثار وتضحية وفداء، مبديا للداني والقاصي أن إمام الزمان أولى به من نفسه، لذا قدمها رخيصة بين يديه لينال بها شرف الذكر الخالد في الدنيا والنعيم المقيم في الآخرة.
بقلم : أحمد النجار