
من المؤسف جدا أننا في زمن انتشرت فيه الهجرة والقطيعة .هذه المعصية العظيمة التي تغضب الله عز وجل ويبغضها رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهو ما جعلني اكتب هذه الكلمات المتواضعة .
للأسف يعتقد الكثير منا بأن الهجر والجفاء هما الوسيلة الآمنة والصحيحة للقضاء على موقف بسيط مر بينه وبين أخيه وقرر أن يجافي أخاه أو يهجره بكل سهولة على نفسه وتغافل عن أن هذا الجفاء هو مبغوض عند الله سبحانه وتعالى وعند الناس وتناسى قول أمير المؤمنين علي عليه السلام : (إياك والجفاء فإنه يفسد الإخاء ومقت إلى الله والناس )
أصبحنا في زمن يخاف المرء أن ينصح أو يعاتب أخاه خوفا من نتيجة العتاب .. وتناسينا قول الأمير سلام الله عليه : ( العتاب حياة المودة ) .
أصبح سوء الظن هي سمة الأغلبية وأصبح من يحسن الظن ليس بطيب بل غبي عند الناس وأصبحنا نتصيد الاخطاء لكي نبرر لأنفسنا القطيعة . قال الإمام علي سلام الله عليه : ( التَّجَنِّي أوَّلُ الْقَطيعَةِ ) .
أصبح الأبن يقطع أبويه ولأخ يقطع أخاه والقريب يقطع قريبه والصديق يقطع صديقه ورجال الدين للأسف أصبحت سمة منتشرة فيهم ( إن لم تكن معي فأنت ضدي ) وأصبحنا شعب لا نقبل الطرف الآخر ولا نقبل التعايش مع من يعارضنا .
كل الأحاديث الشريفة تحذرنا من هذا الذنب العظيم وترشدنا إلى الحب والود بين الجميع والمؤمن يسامح ويعفو ويتغافل عن زلات اخوانه لإنه ليس بكامل لكي يطلب الكمال من الآخرين .
دعونا نتأمل أحاديث النبي عليه الصلاة والسلام فعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لأبي ذر رضوان الله عليه : ( يا أبا ذر إياك عن الهجران وإن كنت لا بد فاعلا فلا تهجره ثلاثة أيام كملا فمن مات فيها مهاجراً لأخيه كانت النار أولى به ) .
ط النار وهل هناك أعظم من النار ؟!
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( للمسلم على أخيه ثلاثون حقاً لا براءة له منها إلا بالأداء أو العفو: يغفر زلته، ويرحم عبرته، ويستر عورته، ويقيل عثرته، ويقبل معذرته، ويرّد غيبته، ويديم نصيحته، ويحفظ خلته، ويرعى ذمته، ويعود مرضته ويشهد ميتته، ويجيب دعوته، ويقبل هديته، ويكافىء صلته ويشكر نعمته ويحسن نصرته، ويحفظ حليلته، ويقضى حاجته، ويشفع مسألته، ويسمّت عطسته ويرشد ضالته، ويرد سلامه ويطيب كلامه ويبر إنعامه، ويصدق أقسامه، ويوالى وليَّه ويعادي عدوه، وينصره ظالماً ومظلوماً، فأمَّا نصرته ظالماً فيرده عن ظلمه، وأمَّا نصرته مظلوماً فيعينه على أخذ حقه، ولا يسلمه، ولا يخذله، ويحبّ له من الخير ما يحبّ لنفسه، ويكره له من الشرّ ما يكره لنفسه )
أين نحن من هذا الكلام ؟!
نقول سامحنا وتبقى صدورنا مليئة بالبغض و الشحناء وتبقى مترقبة للخطأ الذي سيقع فيه الطرف المقابل .
هل هذا تسامح وهل هذا عفو ؟؟
لا نريد الاستماع أصلا للطرف المخالف بل ونتمسك بأعذار لا قيمة لها عند الله عز و جل تبرر لذنبنا العظيم .
بادروا إلى الصلح والعفو فنحن في دنيا قصيرة لا تستحق ان نغضب الله عز وجل من اجلها وتعلموا ثقافة التسامح والعفو دون اذلال للطرف الآخر وليكن رسولنا وحبيبنا صلوات الله وسلامه عليه مثالا نقتدي به في عفوه وتسامحه – ألم يعفو عن قاتل عمه ؟؟ ألم يطلق الطلقاء بعد تمكنه منهم ؟؟ ألم يعفو عمن بصق في وجهه ؟؟
أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟؟!!
نريد أن يعفو عنا الله عز وجل ونحن لا نعفو !!! ومن أراد أن يسمع الله دعائه ويعفو عنه فليبادر هو للعفو والتسامح .
الحمدلله الذي يعفو ويغفر ويصفح بكلمة ( من أرحم منك يا رب ؟؟!! ) يعفو ويغفر بكلمة استغفار وهو ملك الملك .
تأملوا كلماتي بعين الحب والصفاء والنقاء ونسأل الله جميعا أن يرزقنا نفسا مسامحة طيبة تغفر وتسامح وتعفو وأن يرزقنا الألفة والمودة فيما بيننا وأن لا يجعل هذا الجرم العظيم يتفشى في أحبتنا .
ولتكن أيام الله هذه دعوة لنا جميعا لنتصافى
2 pings