الكثير من مجتمعاتنا تعاني حالة من التبذير والإسراف بين أفرادها، وهي خطيرة بالقضاء على مقدرات المجتمعات ومكتسباتها بين عشية وضحاها فالتاريخ والواقع ينبئان بعلاقة عكسية لمعدل الرفاهية والبذخ والترف بين أفرادها حيث الهلاك والاندثار التي يحتمل أن يصاب بها فكلما زادت معدلات الإنفاق زادت احتمالات التردي الاجتماعي فهذه سنة كونية وشرعية لا تتبدل .
قال تعالى: ( وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً ) سورة الإسراء: 16.
فمن يلاحظ حالياً وبكل أسف مجالس العزاء بمجتمعنا لا يستطيع أن يقتنع بانها ترمز لمشاعر الحزن وألم الفراق ومواساة ذوي الفقيد من الأهل والأقارب والمحبين اذ لم تعد تلك المجالس مشاعر حرمة الميت ورهبة الموت وأخذ العبر والعضض من الم الفراق وبالقضاء والقدر .
لقد شرفني رب العزة والجلال في عام 1428 هـ بطرح استبيان عن مظاهر الترف والإسراف بمناسبات العزاء لدى الطائفة الشيعية الكريمة على وجهة العموم وبقريتي القارة على وجهة الخصوص وما أثلج الصدر ذلك التجاوب المنقطع النظير من السادة والمشايخ وعلماء دين وعمد ومثقفين ومثقفات وأساتذة وكبار السن وبعض وجهاء المنطقة ومن الوالد السيد المرحوم أبو رسول (طيب الله ثراه)حينما خصص جزء من خطبة يوم الجمعة بمسجد الجماعة ببلدة القارة للحديث عن هذه الظاهرة من جميع الاتجاهات وقد اشار بتأييده الكامل لمقترحي.
فلا شك ولا ريب أنه لدى الكثير من عامة الناس موضوع ( العادات والتقاليد) والأعراف خطاً أحمر من الصعب البحث فيه أو تجاوزه ومن ضمن تلك ( مظاهر الترف والإسراف في مناسبات العزاء) وما يسببه ذلك من جهد نفسي وعناء مالي يثقل كاهل الجميع وما يترتب عليه من ديون على أهل المصاب من مصاريف الفاتحة ( أجور المطبخ للوجبات ـ الخطباء ، المقاضي ـ أجور العاملين …. الخ ) وغيرها من الالتزامات التي تزيدهم هماً إلى همهم وكٌرباً إلى كربهم.
لأجل ذلك كانت هناك تحذيرات مستمرة من الإسراف والتبذير والترف بشكل عام بمناسبات العزاء بشكل خاص بالحث على التقليل قدر ما يستطيع من المصاريف الزائده التي ليس لها أي داعي وقد تجاوب الكثير من القرى والبلدان المختلفة.
ما لمسته الرغبـة الـجامحة من الأغلب بـتغيير تلك العادات والتجاوب الكبير مع بعض أهالي من توفى موتاهم بقريتنا القارة خلال الأعوام السابقة كان نبراسـاً أضاء لي الطريـق لكي أواصل طرحي أكراماً لـشعوبنا الحالية ولأجيالنـا القادمة والمشكلة كما أسـلفت تتلخص فـي ثلاث نقاط رئيسية – :
• النقطة الأولى : الوجبات الـتي تقدم بفترات العزاء .
• النقطة الثانية : استقبال المعزين فترتين صباحاً ومساء.
• النقطة الثالثة : عدد الأيام السبعة للنساء وما يشملها من وجبـات .
بالنسبة لعزاء الرجال اقترحت التالي :
أن تكون مدة العزاء للرجال ثلاثة أيام بدلاً من خمسة أيام – أن يكون العزاء فترة واحدة فقط من الثالثة عصراً لغاية الثامنة مساءاً – أن تكون هناك وجبة واحدة فقط.
– بالنسبة لعزاء النساء اقترحت التالي :-
أن تكون فترة العزاء للنساء خمسة أيام بدلاً من سبعة أيام -أن يكون العزاء فترة واحدة فقط من الثالثة عصراً لغاية الثامنة مساءاً – أن تكون هناك وجبة واحدة فالعزاء قيمة شرعية وإنسانية لا تقبل التحوير إلى أي صورة أخرى يخرج بها عن تلك الأهداف، فان كان المجتمع فيما مضى يحترم تلك المشاعر للفقيد وذويه ويقدس مضمونها الديني والإنساني
فأننا بواقعنا اليوم وما نحن عليه قد رفعنا وتيرة العبىء على تلك الأسرة من خلال إسقاط الكلفة أو إرهاقها بواجبات الضيافة من مشرب أو مأكل وما يتبع ذلك من مظاهر الاستقبال والتوديع.
اسأل الله رب العزة والجلال بهذا الطرح المبارك أن يوفقنا وإياكم دوماً للخير والعمل الصالح وأن يتقبل أعمالنا وأعمالـكم بنيـات خالـصة انه سميع مجيب الدعاء ..
كاتب مهتم بالشأن الإجتماعي والإنساني
23 pings
إنتقل إلى نموذج التعليقات ↓