
معالي د. مفرح بن سعد الحقباني
وزير العمل والتنمية الإجتماعية
تحية طيبة ابعثها لشخصك الكريم ولجميع العاملين بوزارة العمل راجيٱ من الله ان تتكلل جهودكم المباركة لخدمة الوطن والمواطن والمجتمع -يسرني بكل فخر واعتزاز ان ارفق لمعاليك هذا الموضوع الحيوي الهام لكي تتبناه وتدعمه الوزارة .
كلي أمل ان يلاقي خطابي هذا العناية والاهتمام المعهود عنكم من الامانة والاخلاص والدعم والتشجيع لشريحة الشباب الذين هم دعامة الوطن.
شرفني الله والعـائلة الكريمة بزيارة العتبات المقدسة بمكة المكرمة والمدينة المنورة فرأيت وجود الفرص الوظيفية المتاحة لأخواني العاطلين والباحثين عن العمل والكسب الحلال الحاصلين على شهادات متدنية أو الذين لم يوفقوا بوظائف مناسبه .. فمن نعم الله سبحانه وتعالى على تلك الـديار أن من عليها بنعم جمة لا تعد ولا تحصى روحانية قدسيـة كسب حلال نعم وخير وفير بجميع الأوقات بمجاورة الكعبة الشريفة ومنقذ البشرية.فكلاً له طريقته وأسلوبه للعيش الجميع يعمل فلا تجد احد عاطلاً فمن النادر أصلاً أن تجد عاطلاُ بتلك الديار .
من هـذا الـمنطلـق راودتـني فكرة كتابـة هذا الموضوع للحديث عن معاناة بعض من شبابنا الـذيـن يعملون بـوظائف متدنية الـدخل لا تسد الرمق لـذا ادعوهم للـتوجه افراداً أو مجموعات إلى مكة او المدينة حـيث الخير والـبركة الـشي الذي لا أستطيع أن أصفه بسطور فـقد عـايشت الوضع لـفترة بـسيطة جداً عن قرب ورأيت تـلك الأعمال لا تحتاج لشهادات أو خـبرات أو واسطات ومدخولهـا يفوق راتب الموظف الجامعي إن لم يكن أكثر وسأتطرق إلى بعض من تلك .فكان أن الـتقيت بـبعض من أصحاب تلك المهن وبطريقة غير مباشرة فكان الحديث التالي :
الـمـهـنـة الأولـى ( التوصيل ) :
مـن المهـن التي لا تحـتاج لشهـادات أو خبرات كل ما بالأمر سيارة بحالة جيدة يفضل (صالون غمـارتين ، او باص صغير ) حيث فيها من الخير الكثير الذي لا يوصف ولايصدق بإمكانك أن تحصل على ركاب بجميع الأوقـات تحدثت مـع بعض الأخوة المواطنين أصحاب هذه الـمهنـة حـيث الـتقيـت مع الـسائـق ابـو جـابر من سكان أحـدى الهجر الـقريبة من مكـة فيقول ولله الحمد هذه المهنة دخلها اليومي لا يقل عـن (300) ريال بالأيـام العادية وبنهاية الأسبوع وأيام العطل والموسم يصل الدخل للضعف ونهاية الأسبوع اذهب إلى مكة للعمل على سيارتي الـخاصة الوانيت ، الحاج أبو بدر هو الأخر من سكان مكة يقول أبدأ يومي من صلاة العصر الى بعد صلاة العشاء فقط للعمل على سيارتي البكب فيقول الحمد لله أحصل كل يوم على أكثر من الـ (200) ريال، أما السائق عبد الغني صاحب حافـلة صغيرة لعدد (15) راكـب فـي الباص فيقول امتهنت هذه المهـنة منذ فترة طويلة وانا اعمل عليـها أقوم بأخـذ الحجاج والمعتمرين والزوار من مكة إلى جدة والعكس بأستمرار بمدخول لا يقل تقريباً عن (400-500) ريال يومياً وتـزداد أكثـر أيام الإجازات والعطل ، أمـا السائق ابو سعيد فـيقول أقف بحافـلتي الصغيرة خـارج الحرم أمام ساحة بوابة الـسـلام بعـد كل فـريضة مبـاشرة كل يوم وأقوم بـإيصال المجمـوعات إلى الفنادق أو إلى جدة وللمطار أو المشـاوير الـخاصة العائلية إلى الأسواق وغيرها ورفض الإفـصاح عن مدخوله اليومي وبعد إلحاح بسيط تحدث بأنه يقارب (350) ريال كأقل تقدير يومياً ويقول بأنة لا يتعطل أبداً في الحصول على ركاب وفي جميع الأوقات .
المـهنة الثانية ( المطوفين بالـكـراسي الـمتحركـة ) :
هي مـن المهـن القديمة والـتي في الأغلـب يـتوارثـهـا الأبناء عن الآبـاء والأجداد فيها مكـسب ديني ودنيوي الـشـي الـكـثـيـر تـحدثت مع الشاب محمد وهو من سكـان مـكـة ورث هذه المهنة أبـاً عـن جـد وهو صـاحـب عـربـة يـقـوم بـخـدمـة كـبـار الـسـن والـمرضى لأداء الـعمرة من طـواف وسعي بـقيمة (100) ريال للـشخـص سـألـتـه بـعـفـويـة عـن طـبيـعـة عـمـلـه أجـابـنـي بـكـل رحـابـة صـدر يـقـول مـن حـمـد اللـه وشكـره انـه طـوال أيـام الـسـنـة ونـحـن لا نـتـوقـف عـن الـعـمـل خـصـوصـاً الأشهـر مـن رجب ، لغاية ذي الحجة نـقـوم بـخـدمـة الحـجـاج والـمعتـمـريـن والـزوار بـمعـدل لا يـقـل أطـلاقـاً عـن ثلاثة اشخاص فـي الـيـوم الـواحــد بــحــدود (ســاعة) لـكـل شـخـص فـي أوقـات الـذروة وخـلال شـهـري رمـضـان وذو الحجة يـتـضـاعـف الـعـدد إلـى أكـثـر . الـكـلام ذاتـه تـحـدث به الحـاج سـعود يـقول امـتـهـنـت التطويف منـذ الـصغـر فـكنت أساعد والـدي فـي أوقات عدة حـتى كبـر فـقمـت بالعمل مكانـة أصبحت أعـيل أسرتي ووالـداي وأخـواتي من هـذه الـمـهنـة الـتي فـيهـا الأجـر والـثـواب فـيـقـول نـقـوم بـخـدمـة شـخـصـيـن أو أكـثـر بالأيـام الـعـاديـة تـزداد بنـهايـة الأسـبـوع إلـى أكـثـر مـن ذلـك فـيمـا تـعتبـر الأشـهر من ( بـدايـة الـعـطـلـة لـغـاية بـعد الـحـج ) هذه الأشـهـر عـلى وجـه الـتحديـد لا نـتوقـف فـيهـا عـن الـعمـل اطـلاقـاً . أما الشـاب عـمـر فـتحـدث بـتحـفظ انـه يـتنـاوب عـلـى هـذه الـمـهـنـة مع أخـويه غـازي وفارس ) بـعـد كبر سن والدهم توليا الـتناوب مساعدة والدهم وتحدثا بأن هـذه الـمهنـة جـيـده ،
الـمـهنـة الـثـالـثـة ( مـوظـفي اسـتـقـبـال فـي الـفنـادق ) :
خـلال جلوسي بـإسـتراحـة الـفندق تـحدثت مع موظف الأستقبال عن طبيعة عمله فأفـادنـي بـأنه يعمل في شـفـت لـمدة (12) سـاعه ويقوم هو وزمـلائـه بـخـدمـة أي نـزيـل يـريد الـذهاب إلى الـمدينة المنورة -جدة -المطار-الطائف-المنتزهات والأمـاكـن الـترفيهية أو أي مـكان فـيقول نـتناوب أنـا وزملائي تـلك الـخدمة للنزلاء وإذا كان العدد كـبيراًًً نـقـوم بـالإتصال علـى أصـحـاب الـحافلات الـكبيرة ونـأخذ نسبة جيدة من تلك الـخدمة وبـعد انتـهاء دوامي اذهب للعمل في أماكن أخرى فـالديار المقدسة من نعم الله سبحانه وتعالى بأن جـعل فـيهـا الـخير الـوفير وفي كل وقت ، أما الأخ سالم فـهو الأخر رفض الإجـابـة في بـادي الأمر ثم استـرسل في الـحديث ونسـى نفسـه وأباح لـنا ببعض من أسـرار تلك الـمهنـة فيـقول أعمل في الـفندق في دوام واحـد وأقوم بـخدمة الـنزلاء من تـوصيـل وغيرها من الـخدمات الـتي تـزيـد من دخلي الـمادي بعد انتهـاء دوامي حـيث أعطـي بعض الـركاب الكـارت الـخاص بي فيه رقم جـوالي وأقـوم بخدمتهم طوال فـترة وجودهم بمكة وأثناء ذهابـهم الأماكن الـترفيهية والأسواق والمجمعات واخـيراً إلى المطـار أو إلى المدينة المنورة وغيرها .
الـمـهنـة الـرابـعـة( مـوظـف رجـل أمـن ( سـكـرتـي ) :
مـن شروط وزارة الداخلية لأصحاب الـفنادق والمجمعات التجارية والسكنية أن تكون الـحراسـة لمواطنين سعوديين فـقط ونظراً لكثرة الفنادق والمجمعات بمكة والمدينة فـهناك فـرص مواتيـة لشغلهـا بالمواطنين وبشكل كبير بالإضافـة لتلك يمكن تحسين الوضع المادي لكل شخص عن طريـق الـتـرزق ببعض الوظـائف سالفة الذكر .. الـتقيت بالحاج فـرج وهـو حـارس فـي قـبو أحـد الـفنادق يقول أعمل منذ ما يقارب الثلاث سنوات وثمانية أشهر وبأيام الـخميس والـجمعة والإجـازات على وجـهـة الـتحديد أقوم بعد انتهاء دوامي بالعمل على سيارتي الـخاصة وأدخر مقابل تلك كل يوم مبلغ لا يقل عن (150-200) ريال على أقل تـقدير بـالإضافـة إلـى راتبي الأساسي ، أما زميلة ظافر فتحدث بكل صراحة فيقل أقوم بـخدمة عدد (7) مـطاعم عن طريق توفـير احتياجاتهم من سوق الـخضار على سيـارتي الخـاصة بعد انـتهـاء عملي كحارس أمن واحصل مقابل تلك على مبلغ جيـد كل يوم . أما الشاب سهـيل فيقول ان من نعم الله سبحانه وتعالى أن جعل بمكة المكـرمة الرزق الـحلال في جميع الأوقـات حيث أعمل حارس أمن بمجمع تجاري وبعد انتـهاء عملي اقوم بالعمل على سيارتي الخاصة بعد انتهاء الفرائض واجني من تلك ما يكفيني من مصروفي اليومي وتسديد قرض السيارة وأكـثـر .
الـمهنـة الـخامـسة
( زيـارة الأماكـن المـقـدسـة بـالـمديـنة الـمنورة ) :-
يحـرص الكـثـير من زوار الـحرم الـنبوي الـشريف للقيام بزيارة قبر عم النبي السيد حمزة وزيارة مسجد القبلتين ومسجد قباء وجبل أحـد وغيرها فكان الـحديث مع العم فيصل صاحب حافلة صغـيرة (15) راكب وهو كبير طاعن بالسن فيقول أقوم بخـدمة الزوار والمعتـمرين الراغبيـن بزيارة عم النبي والمساجد السبعة ومسجد القبلتين ومسجد قباء كمجموعات أو أفراد بسعر (15-20) ريال للشخص الواحد وهكذا كل يـوم بـالإضافة إلى المشاوير العائلية الـخاصة إلى الأسواق والـمنتزهات وإلى خيبر . أما العم أبو خالد فيقول هو الأخر يقوم بـخدمة الـزوار والمعتمرين كل يوم على حافلته الصغيرة سواء كمجموعات أو أفراد ويقوم بـإيصال الراغـبين إلى خـيبر وغـيرهـا مـن المـشـاوير الـعامة والـخاصة بالـترتيب مع بعض الفنادق الـصغيرة مـقابل نسبة لهم عن كل مشوار . أما الشاب غرم الله فيقول أعمل على وجهة الخصوص من الحرم الـنبوي إلى كافـة المـزارات بسعر يقـارب (100) ريال لكل عائلة وإلى بعض الأسواق الـتي أصبحت تدفع لنا مقابل إحضار المتسوقين إليهم ..
الـخـلاصة العامة :
– الـخير الوفـير الـتي تتـميز به تلك الديار الطـاهره بمكة المكـرمة والمـدينة المنورة – الكـسب الحلال الذي أصبح يذهب هدراً للمقيمين وبعض المتـخلفين وغيـرهم – معاناة بعض أخواننا وأبنائنا العاطلـين الباحـثين عن الـعمل – الرغبة الـجامحة للحصول على مدخول إضافي يسد به رمقهم – الجوار حيث الثواب والقدسية والأجر بجانب الكعبة الشريفة والحرم النبوي الشريف.)– العزيمة والإصرار يجب أن يتميز به إخواننا وأبنائنا الراغبين بالحصول على مدخول جيد .
لـذا أعـيد الخلاصة النهائية بهذا الموضوع الهام فليذهب طالبي العيـش الرغيف والكسب الـحلال حالياً ولفترة بسيطة إلى الـديار المقـدسة خلال موسم الحج والأجازات والعطل والآن مناسك الحج عـلـى الأبـواب فـلتذهبوا كـمجموعات مع بعضكم الـبعض أو كأفراد وكلي أمل بالله رب العزة والـجلال بـأن يكون طريق الخير مـفتوح بمصراعيه أمامكم ولـتجربوا تـلك لغاية بعد انتهـاء فترة الـحج فـقط وبـعد ذلك لكل حادث حـديث .
أعرف شخص من بلدتي يـعمل بالـصناعية الـثـانية بالـدمام بـوظـيفة (مصفف) براتب (2300) ريال يستقطع منها(350) ريال للباص و(150) للتأمينات يتبقى له من الراتب (1800) ريال يركب الباص الخامسة فـجراً ويعود لبيته الـرابـعة عصراً. شخص يعمل (حارس أمن) بأحدى المستشفيات براتب (2600) ريال مستقطع منها (150) ريال للتأميـنات الأجتماعية ولمدة (10) ساعات عمل – سامي شاب من أحدى الـقـرى الشمالية متزوج يعيل زوجـته وطـفلتـين فـيقول اعمل بوظـيفة (عامل) بصناعية الـعيـون براتـب (2700) ريال تُخصـم منـها (140) ريال للـتأمينات من الـساعـة الـثامنة صباحاً لغاية السادسـة عـصراً بنظـام دوامين يتخـللـهم راحة لمدة ساعتين فأضطر انا وزملائي للبقـاء بالعمل اثناء فـترة الراحة وذلك لـصعوبة العودة لمنازلنا لبعد المـسافة وللتكلفة المادية .
أرجو مـن الله العلي الـقدير أن يحوز هذا الموضوع على الرضا والقبول .. وان لم اوفق فأنما لكل امرىء ما نوى. وأن يوفق شبابنـا وأبنائنا والجميع لكل خير أنه سميع مجيب الدعاء .
كلي رحابة صدر لتقبل أي ملاحظات أو مقترحات او تجربة مررتم بها حيال هذا الموضوع القيم بمحتواه .
عـادل بن حسن الشبعان
كاتب مهتم بالشأن الإجتماعي والإنساني
1 ping