
كنت في السيارة مع أسرتي وبعد مسافة اعطيت اشارة للدوران يمين ، سألني اصغر اولادي ببراءة ” يبا أنت تعرف انك بتلف ليه تشغل الإشارة ؟” ابتسمت انتظرت ارد عليه بجواب يفهمه قلت له يا ولدي مو عشاني عشان سواقين السيارات اللي وراي يعرفوا اني بلف هذه الجهة هذه الجواب مبرر ومن حق الآخرين أن يعرفوا ماذا ننوي أن نعمل ، احيانا نعمل اشياء من أجل الآخرين و ليس لنا فقط .
لكن نتساءل كم نسبة ما نعمله لأنفسنا مقارنة بما نفعله للآخرين ؟
كم نصرف من الأموال حتى يرانا الناس لا كما يفترض أن نكون؟ كم ننفق حتي يعلموا الناس ماذا نأكل ونلبس ؟ كم تنفق المرأة على نفسها حتى تري اقاربها وجيرانها ماذا تلبس وما هي الماركات التي تفضلها ؟ ما هي الملابس التي يلبسوها الابناء والبنات حتى نظهرهم بما يعجب به المجتمع ؟
الأمر أيضا ينطبق على السيارات وأنواعها حتى أصبح استيراد السيارات ضعف المولودين سنويا بالسعودية وكذلك المسكن واثاثه واالتغيير السنوي رغم إننا لا نستخدم من منزالنا إلا ٢٠٪ من الغرف و الاثاث طوال مدة السكن.
هذه هي الحياة الاستهلاكية ، لا نعمل من أجل أن نرضي الله ونقنع انفسنا حتى نصل إلى درجة من الرضا عن الذات التي تعني السعادة الحقيقية بقدر ما نلبي ما يتمنوه الناس منا .
حتى بعض التعاليم الدينية لا نطبقها إيمانا منا مائة بالمائة يقول الإمام علي عليه السلام لم يأخذوا من الدين إلا بما ينفعهم في الدنيا حتى القيم الإنسانية لم نتعامل معها كقيمة إنسانية وانما وظفت أغلب الخصال الجميلة في سبيل الاستعراض أو نريد أن يراها الناس فينا فقط ما دام نحن وسطهم ، نعتبرهم بمثابة المرآة التي ينبغي أن نرى انفسنا فيهم و نقيس قيمتنا في عيونهم .
حتى التخصصات الدراسية الجامعية نفرضها على ابنائنا من أجل ان نقول للآخرين ابني تخرج من الجامعة … والتخصص ….بل يضيع مستقبل الابناء لأنهم درسوا حسب رغبات الوالدين والمجتمع المنطقية .
سلبنا الإرادة والاختيار في كل شيء منذ الطفولة في نوعية الملابس ونوع المأكل نحرمهم من اختيار ما يخصهم شكلا ومضمونا.
طبعا لا نقول أن نترك رقابة المجتمع نهائيا ولا نترك الابناء حسب ما يريدون – الارشاد مطلوب والتوجيه مرغوب لكن لا تصل إلى درجة تحطيم شخصية الطفل ومنعه من الاختيار ونقول إذا كبروا اولادنا اتكاليون ولا يعتمدون على أنفسهم .
التوازن ما بين الفردانية ( تحقيق الذات ) ونظرة المجتمع هو من يجعل المرء مستقرا في شئون الحياة .
لكن مع الأسف ما يحدث لأغلب الناس هو فعل ما نسبته ٢٠٪ من ميولهم ورغباتهم و ٨٠٪ حسب مطالب المجتمع الوهمية – يعني لو أن الناس عملوا العكس لتم توفير مكاسب مادية ومعنوية بنفس النسبة .