ها هو ذا هلال شهر البركة قد لاحت علائم أنواره، وها نحن ذا نترقب ذلك الضيف الكريم الذي سيحل علينا..
ماذا عسانا أن نفعل كي نبدي كرمنا لشهر الله الفضيل، وبماذا يا ترى سيأتينا؟..
لم يكلفنا هذا الضيف الخفيف بما لا طاقة لنا به، كل ما يريده منا لأن نكون كرماء معه، أن تصوم قلوبنا عن اللغو واللهو وجوارحنا عن فعل الحرام وبطوننا عن التلذذ بالنعم في نهاره والتي كانت محللة لنا في نهار غيره من الشهور..
لم ياتنا هذا الضيف فارغا بل أتانا محملا بمائدة الخير من ربه الجواد الكريم العزيز الوهاب..
إن حل علينا شهر رمضان ضيفا فقد دعانا في أيامه ولياليه لضيافة الغني المطلق وضمن لنا إن نحن لبينا الدعوة أن ننال من الأجر والثواب مالم نتمكن من جمعه في مدة تزيد على الثمانين عاما، أتانا بمائدة عظيمة لا ينتهي زادها ولا تقل بركاتها..
أتعلمون أيها المؤمنون أننا لو لم نقم إلا بواجب الضيافة لهذا الشهر الفضيل، والتي تتمثل بصوم القلب والجوارج والبطون، لأكلنا من تلك المائدة الربانية العظيمة ما يجعل أنفاسنا تسبيح ونومنا عبادة، فكيف بنا إذا ونحن تهيأنا لأن نكون في هذا الشهر الفضيل متنافسين على فعل الخير، ومسرعين إلى قيام الليل وتلاوة القرآن الكريم، وأن تستمتع نفوسنا فيه بمناجاة الله بقلوب خاشعة وعيون دامعة، ومشاعر فائضة بود الله..
إن حل علينا شهر رمضان ضيفا فقد حللنا فيه ضيوفا على ملك الملوك الذي آل على نفسه أن يجزي ملبي دعوته بثواب يعجز الخلق عن إحصائها، يكون لهم ذخيرة ينجيهم من غضبه ويدخلهم في رضوانه ليكونوا من أهل جنته التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.