أستضاف منتدى رؤى الثقافي الشيخ عبد العزيز المزراق والدكتور ثامر العيثان في امسية ثقافية بحضور نخبوي متميز ومتنوع أقام (منتدى رؤى الثقافي) بإشراف سماحة الشيخ محمد العباد ندوة فكرية ثقافية بعنوان (الشباب والحصانة الفكرية) بمهدية أمير المؤمنين وذلك باستضافة شخصية علمية حوزوية متمثلة في سماحة الشيخ عبد العزيز المزراق، وأخرى أكاديمية يمثلها سعادة الدكتور ثامر العيثان، وإدارة الأستاذ علي الوباري.
?كانت محاور الندوة على النحو التالي :
?ماذا تعني الحصانة الفكرية،ولماذا فئة الشباب؟.
?هل الانفتاح على الآخر يفقد المجتمع حصانته الفكرية والثقافية؟
?الخطاب الديني المعاصر ودوره في التحصين بين السلب والإيجاب.
?أثر الانفتاح على قنوات التواصل والابتعاث للخارج على التحصين لشرائح المجتمع.
?هل الحصانة مطلب شرعي وحقوقي،وعلى من تقع مسؤولية التحصين لشرائح المجتمع؟.
?وبحق،لقد كانت ندوة ثرية وغنية وممتعة…بما تم إثارته وطرحه فيها من آراء قيمة وأفكار نيرة،فمدير الحوار كان احترافيا في إدارة الندوة،وإثارة الأسئلة وضبط الإيقاع وتقسيم الوقت بين الضيفين من جهة،وبينهما وبين مداخلات الجمهور من جهة أخرى.
?كما كان الضيفان رائعين في إجاباتهما واستطراداتهما الإثرائية،وذلك كنتيجة طبيعية لما يملكانه من فكر نير وعقلية وقادة،ومخزون ثقافي،وزاد معرفي غزير ومتنوع،إضافة إلى تحضير واستعداد مسبق للندوة بما يتوافق مع محاورها.
?أما الجمهور فقد كان نجما متألقا بمداخلاته الغنية الثرية،التي ـ في معظمها ـ لم تكن أسئلة بقدر ما هي إضافات إثرائية قيمة ومفيدة،لما يتفضل به ضيفا الأمسية،مما أوجد حالة من التوازن والتكامل بين المرسل والمتلقي،حتى أصبح الجميع مرسلون ومتلقون في وقت واحد، مما ساهم في مضاعفة الاستفادة ومردودها الايجابي على الجميع.
?وكان من بين ما تم إثارته وتسليط الضوء عليه :
✨الإسلام دين الحوار والانفتاح على الآخر.
✨منشأ إيمان الإسلام بالحوار هو ثقته بقوته الذاتية،وعدم خوفه مما يثار حوله من إشكالات لتمكنه من دفعها والإجابة عليها.
✨إن الانفتاح الفكري والثقافي على الآخرين يقضي على الجمود،ويساهم في تطور الحركة العلمية،كما يعزز ويقوي المعتقدات والأفكار الصحيحة.
✨على الحوزة العلمية والمنابر
الإسلامية عموما والمنبر الحسيني على وجه الخصوص الارتقاء في الفكر والطرح وتناول القضايا والمواضيع بما يناسب التغيرات الفكرية والانفتاح المعاش ويلبي حاجات الشباب المستجدة ويجيب على أسئلتهم التي يفرضها واقعهم الثقافي بكل ما فيه من انفتاح ومستجدات.
✨في الإسلام ثوابت ومتغيرا, ومن المهم جدا التفريق بين الأمرين لعدم الخلط بينهما حرصا على عدم ضياع الحقائق.
✨مع إيماننا بوجود الثوابت ولكن يجب أن نعلم أن إثارة الأسئلة أو الإشكالات حولها،أمر طبيعي نتيجة اختلاف مستوى الوعي والمعرفة بين الناس، ولذلك فإن الحل ليس الخشية من هذه الإثارات الإشكالية التي أصبحت واقعا معاشا،بل الاستعداد للإجابة عليها بما ينقضها، ويزيل الشبهة من أذهان الشباب.
✨في الوقت الذي يجب أن نؤمن فيه بالتعددية والحرية الفكرية،إلا أنه أيضا يجب أن نفرق بين حرية الفكر القائمة على فهم القضية ومعرفة أدلتها الإثباتية والنقضية ومناقشتها وفق منهجها… وبين الفوضى الفكرية القائمة على الطرح العشوائي الخالي من الفهم والمعرفة والذي لا هم له إلا الإثارة والتشكيك دون وعي أو إارك للقضية بكامل أبعادها.
✨كما نطالب الحوزة وطلبة العلوم الدينية والخطباء بالارتقاء في طرحهم،أيضا يجب على الأكاديميين أن يكونوا كذلك،فيرتقوا في وعيهم وفكرهم وثقافتهم وطرحهم…ليكون الارتقاء موجودا بين كل فئات المجتمع باختلاف تخصصاته وتوجهاته،مما يساهم في بناء حركة علمية جيدة وذات فائدة حقيقية.
✨الانفتاح على قنوات التواصل وكذا الابتعاث للخارج سلاح ذو حدين،فقد يكون لذلك الكثير من الإيجابيات كما قد يكون العكس أيضا،وذلك وفق ما يملكه الشباب من وعي وثقافة والتزام ديني وخلقي.
✨مسؤولية بناء الشباب دينا ومعرفيا وثقافيا وأخلاقيا واجتماعيا…ليست محصورة في فئة واحدة من المجتمع،كطلبة العلم ورجال الدين مثلا،بل هي مسؤولية مشتركة بين الجميع،يساهم فيها البيت والمدرسة والمجتمع والمحافل الدينية والمنتديات الثقافية…كل من موقعه وحسب وظيفته وإمكاناته وقدراته.
✨الشباب الذين لم يحصلوا على التحصين الكافي لا يعفيهم ذلك من مسؤولية تدارك ما فات، والقيام ببناء أنفسهم من جديد،وعلينا مساعدتهم في ذلك.
?إلى قضايا أخرى كثيرة تمت إثارتها والحوار فيها وتسليط الضوء عليها،وإبداء وجهات النظر حولها،مع ملاحظة أن هذه النقاط التي سجلتها إنما هي وفق فهمي الخاص وانطباعاتي الشخصية،وربما يكون في بعضها إضافات بسيطة من عندي لم يتم تناولها أو بتعبير أصح لم تأخذ حقها الكافي في الإثارة والحوار.
?على هامش الندوة :
?الترتيب كان رائعا في كل شيء.
?اللاقطات الصوتية كانت جيدة،وإن كانت لاقطة الدكتور ثامر قد خانته وغدرت به،حتى اضطر إلى استخدام لاقطة مدير الحوار في بعض الفقرات.
?سيادة روح المحبة والأخوة بين جميع الحاضرين وانفتاحهم على
بعضهم رغم اختلاف توجهاتهم الفكرية والثقافية، كان جميلا جدا،ويعكس إمكانية التلاقي والانفتاح على الآخر وتلاقح الأفكار بين جميع شرائح المجتمع بمختلف مكوناته.
?الضيافة كانت خفيفة ولذيذة
?الاستراحة كانت كافية في أخذ الراحة والاستجمام وتنشيط الذاكرة،كما أعطت فرصة للحوارات المثرية المفتوحة خصوصا في ما تم طرحه في الندوة مما ساهم أو قد يساهم في فهم أو ترسيخ بعض الرؤى والأفكار في الذهن.
?انسيابية الحوار والمناقشات وعدم الدخول في فوضى حتى ولو كانت بسيطة رغم كثرة المداخلات وتنوع الأفكار وربما اختلاف وجهات النظر…كانت سمة نجاح باهر للندوة بجميع مكوناتها…مما يدل على جودة التنظيم من جهة، ورقي جميع الحاضرين ووعيهم من جهة أخرى
?بعض الإثارات تم التأكيد عليها بشكل كبير،والدعوة إليها بشكل كبير جدا،ولكن دون بيان مفهومها الحقيقي كاملا،وكذلك دون بيان الأسس والقواعد المتعلقة بها،والتي يجب أن ننطلق منها،كما هو الحال ـ مثلا ـ في الدعوة إلى الحرية الفكرية،فهي أخذت حقها الكامل في الدعوة،ولكن لم يتم التطرق إلى أي شيء عن مفهومها وأسسها وقواعدها، مما يجعل البعض قد يخرج بمفهوم خاطئ عنها.
?كذلك الحديث عن محور الانفتاح على قنوات التواصل وكذا الابتعاث،رغم أهميته الكبرى إلا أنه لم يأخذ حقه الكافي من الحوار وتسليط الضوء عليه،ولو بحديث مقتضب عما ينبغي القيام به تجاه المبتعثين مثلا،وبيان آليات تحصينهم، وتوضيح كيفية تعاملهم وتعايشهم في مجتمع آخر يختلف عنهم الاختلاف كله في الدين والمعتقد والثقافات والأفكار والعادات…وعلى عاتق من تقع هذه المسؤولية،هل هي فقط على عاتق أسرة المبتعث مثلا،أم هناك شرائح أخرى عليها مسؤولية كبرى في ذلك،خصوصا في حال كانت الأسرة عاجزة عن الاضطلاع بهذا الدور لعدم امتلاكها للوعي والمعرفة، وهل يكفي مجرد النصح العابر لهذا أو ذاك،أم أننا بحاجة إلى عمل منظم ومتكامل يؤهل المبتعث للابتعاث ونحن في اطمئنان كامل عليه وعلى مستقبله… كل هذا كان غائبا أو شبه غائب،كغياب الحديث عن قنوات التواصل من أنترنت وغيره وكيفية التعامل معه، ودور الأسرة وغيرها في ذلك.
?الإجابات من الضيفين كانت جميلة وموفقة في معظمها إن لم يكن فيها جميعها،ولكن يؤخذ على سماحة الشيخ عبد العزيز الاستطراد الزائد أحيانا،وكذا حصر نفسه في الاستشهاد بأصحاب مدرسة معينة،رغم أنها ندوة مفتوحة كان بالإمكان أن يتم التنوع الاستشهادي فيها بشخصيات كثيرة من عدة مدارس متنوعة،وأما سعادة الدكتور ثامر فكان عكسه تماما،إذ كانت أجوبته مقتضبة ومختصرة،حتى في بعض الأسئلة التي تحتاج إلى توسع في الجواب والشرح والبيان والتوضيح،أما المداخلات ففي معظمها كانت في صلب الموضوع، كما أنها دسمة جدا،تدل على وجود شرائح ثقافية متميزة ومتمكنة ومن المهم جدا الاستفادة منها،أما مدير الحوار ـ كما قلنا ـ لقد كان رائعا ومتألقا،ومع أنه كان جيدا ومرنا في ضبط إيقاع الندوة،ومحاولة الحفاظ عليها وعدم شتات محاورها، حتى بتدخله ومقاطعته حين وجود بعض الاستطرادات سواء من الشيخ أو غيره،إلا أنه يؤخذ عليه أن ذلك لم يكن بالشكل الكامل،فمرونته أحيانا تكون زائدة عن الحد مما فسح المجال للإطالة في بعض الأجوبة والمداخلات،مما جعل الندوة تمتد وتصل إلى قرابة الساعة الحادية عشر، ولكن أن يمضي الحضور قرابة الساعتين والنصف دون أن يشعروا بسأم أو كلل أو ملل،فربما هذه إيجابية تكفر تلك السلبية البسيطة جدا،والتي لا تؤثر على نجاح الندوة بامتياز,
?الأستاذ عبد الله الياسين ـ كعادته ـ كان متألقا ومتميزا في التقاط الصور التذكارية باحترافية كاملة،وبما أن المصور لا يظهر في الصورة، فلنا أن نقول أن الأستاذ عبد الله هو وكذا القائمين على الترتيب والتنظيم،هم الجنود المجهولون للندوة.
?كوني حضرت متأخرا بعض الشيء فما كتبته الآن يتعلق بما حضرته,ولا يشمل ما غبت عنه.
?هذا ليس تقريرا للندوة، كوني لست المسؤول عن ذلك،وإنما هو انطباعي الشخصي عنها،وتقييمي الذاتي لها،وكل أملي أن يكون قد حالفني التوفيق في بيانه،كما لا أدعي صحة كل ما ذكرت،فقد أكون اشتبهت في بعض الأمور،كما قد أكون أغفلت بعض الأمور الأخرى،وربما لي أن أقول : أنها وجهة نظري الخاصة، سجلتها بدلا عن تعبئة الاستبيان الذي طلب (منتدى رؤى) من الحاضيين تعبئته كتقييم للندوة، حرصت على كتابته لتكون وجهة نظري أوضح وأصرح، وللآخرين أن يختلفوا معي، كما أعتذر عن أي هفوة قد تكون غير مقصودة في بيان وجهة النظر هذه،وكل الشكر والثناء والتقدير لمنتدى رؤى الثقافي ممثلا برئيسة سماحة الشيخ الجليل محمد العباد وكامل الكادر الجميل الذي معه،لجهودهم الكبيرة والكثيرة التي يبذلونها من خلال هذا المنتدى المبارك في نشر الوعي ومحاولة البناء الديني والأخلاقي والفكري…لهذا المجتمع الغالي علينا جميعا.